عادات العلويين في كتاب النبأ اليقين
لم تكن العادة ديناً يلزم الأمة أو الشعب الانتظام في سلكه, و لا معتقداً عاماً يضطر المجتمع إلى اعتناقه و الأخذ به, و إنما هي تكرار فعل ما بصورة تنزع إليها النفوس جرياً على سنن يقلد بها التابع المتبوع, و هي تختلف زماناً و مدائن و أريافاً و أمماً و شعوباً, إذ أنها تستلهم من طبيعة إقليم أصحابها و مجريات أحوال زمانهم.
أما العادات عند المسامين العلويين فإنها لا تختلف بشيء عما عند إخوانهم العرب المسلمين من عادات, و ربما كانت فيهم أشد علوقاً و أبلغ أثراً, كإكرام الضيف, و سخاء اليد, و إباء النفس, و عفة اللسان, و صيانة العرض, و رعاية حقوق الجار, إلى ما هنالك من شجاعة و مروءة, و إقدام و غيرة, و شهامة و تضحية, و ما سوى ذلك من عادات في الأفراح و الأتراح يقومون بها مع التزام سنن الآداب و مراعاة حرمة التعاليم السماوية, و إنهم و أيم الحق لبرءاء من أية عادة تتنافى و مكارم الأخلاق.
و إن أعجب فعجب ما قرأت في العدد الثامن و الخمسين من مجلة الأجيال عام (1953) تحت عنوان (نحن و التاريخ) ترجمة الأستاذ (منير الشعار) عن مؤلف باللغة الأجنبية للمؤرخ المعاصر الدكتور (فيليب حتي) ( يقال أن عند العلويين عوائد سرية ليلاً لا يظهر عليها غيرهم) إلى كثير من الإرجاف و الإجحاف في عقائد العلويين و عاداتهم مما تأباه الأخلاق و الأذواق, و أعجبُ منه صدورُه عن جهبذ التاريخ في هذا العصر الحر و أَحد أَساطينه, الدكتور (فيليب حتي) و سماحه لقلمه أن يجري بمداد الأقوال المكذوبة و المقولات المغرضة, دون أن يكلف نفسه بعض عناء التمحيص و جهد الاستقصاء, و دون أن يشير إلى مصادر تلك الأباطيل و السفسطات, و الخليق بمن يؤرخ للأجيال أن لا يعتمد على ما يقال, لأن التاريخ بناء, أساسه الواقع و دعامته الحقيقة, ترفع قواعده العقول المتحررة و الضمائر الحية, لا خيالات و أوهام يبعثها الافتئات و يمليها الارتزاق, و قد نربأ بمؤرخنا المعاصر و هو من هو أن يكون حمله شيء من ذلك على هذا الإسفاف الصريح و التحامل المفضوح على العلويين.
و إذا كان عذر المؤرخين القدماء فيما افتروه على هذه الفئة العربية المسلمة من القول الزور و البهتان العظيم, إرضاء أصحاب الطيالس و الصوالج الذين كان الطعن و التجريح مرضاة نفوسهم المريضة و دواءها, و أداة الحظوة و القبول لديهم, فما عذر مؤرخنا الكبير و قد تبدلت الأرض غير الأرض و تغير وجه الزمان, و أسدل الستار على الشعوبيين و أحكامهم الجائرة, و انبعث في الأمة العربية حكام من صميمها, رسل سلام و رحمة للناس, و دعاة وحدة و إخاء في العرب, و ما مبرره في ما نقل للأجيال عن العلويين دون تمييز بين القول و التقول, و هو المفروض به الترفع عن التقليد الأعمى و التحرر من قيود العصبية البغيضة.
و واعجباً و أكثر يعمل علماء هذا العصر دائبين لتخطي متون الأفلاك و اختراق طبقات الأرض و تذليل عقبات الهواء و الماء, حرصاً على أمانة اختصاصهم العلمي, و إكتشافاً لما في مستودعات هذا الكون من أسرار, و يتجشم المؤرخون و الباحثون عناء قطع آلاف الأميال و جهد مشاق الترحال سعياً وراء الحقيقة ضالة التاريخ المنشودة, و لا يكلف مؤرخنا الأمين نفسه المتحررة عناء قطع عشرات الأميال في إحدى رحلاته إلى سوريا أو لبنان, تعرَّفا على العلويين, و ليعرف منهم عن عقائدهم و عوائدهم ما لا يمكنه معرفته من غيرهم, و رعياً لحرمة التاريخ و فقد حمل أمانته.
و هو و لا شك لو أراد أن يعلم لما جهل أن هذه الفئة العربية المسلمة ليست مجهلا من مجاهل التاريخ و لا أسطورة من أساطير الخيال ليجعل المؤرخون من عقائدها و عاداتها أحاديث سمار و أَقاصيص رواة, بل هي حقيقة ثابتة في الوجود, و أداة فعلة في حقل دنيا العرب و المسلمين.
و لو تبصر لبصر أن ما كتبه عن العلويين في مقاله ذاك بعيد عن الصدق بُعد الباطل عن الحق, و لكنه نزل بهم عند حكم مشيئته و وقف منهم حيث وقف سلفه في أودية التيه و المغالطات و في دياجي الخيال و الظنون عشواً عن أنوار الحقيقة المشرقة عليهم فتهدي إلى عقائدهم و عوائدهم كل بصير يفتأ يجعل عليه من ضميره رقيباً و من وجدانه حسيباً.
و ما كنت لأولي هاتيك الترهات و الأباطيل أَية التفاته و قد تولاها الواقع الراهن بالدحض و التكذيب, و شهد الحق المبين بصراحة بطلانها, لولا أن الغاية من وضع هذا الكتاب هي إظهار الحقيقة و الانتصار للحق, و قصد إطلاع الرأي العام على ما دونه المغرضون من أراجيف مختلفة, فتشهد الإنسانية الصحيحة تنكر إدعيائها من المؤرخين لمبادئها المثلى, و مدى تجنيبهم و تحاملهم على العلويين فيعلم من لا يعلم, إذا كان هذا حالهم مع كتّاب و مؤرخي هذا العصر الذي تألقت فيه أنوار الحرية و استشعر عالمه المناداة بالعدالة الاجتماعية, فما الظن بهم في عصور كان يتجاذب طرفيها الظلم و الظلام. و أحرٍ بهذا الكتاب و قد حمل أمانة التاريخ أن يكون رعاها حق رعايتها, فتدبر ما نقله للأجيال القادمة بحكمة الخبير المنصف جاهداً لإرضاء الحق و العدالة الإنسانية, بدلا من اندفاعه وراء النزوات و انصياعه لأحكام العواطف و الشهوات, و لا أدل على تحكم عاطفته بعقله و إسلاس قياده لهواه في كتابته عن العلويين من بلبلة رأيه و اضطراب قلمه, فهو تارة يرميهم بالوثنية و طوراً بالحلولية, وحيناً بالإباحية, و غير خفي على المبتدئ من طلبة العلم فكم بالأحرى العلماء فرق ما بين الوثنية و الحلولية, و هو لو تمقل روايته بعين درايته لتجلت له الحقيقة بأطهر أثوابها نافضة ما علق بها من غبار الزيف و التشويه, صارخة بصوتها المدوي في أذن كل من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد, إن على العلويين حصانة خلقية تحول بينهم و بين ما يتنافى و شرعة السماء, حصانة اكتسبوها من صدق ولائهم لآل بيت نبيهم الطاهرين, و سيرهم على سنة أئمتهم العادلة, و حرصهم على أصالة أنسابهم العربية العريقة, و ذلك كاف للعدول بهم عن مخازي الأقوال و الأفعال.
لم تكن العادة ديناً يلزم الأمة أو الشعب الانتظام في سلكه, و لا معتقداً عاماً يضطر المجتمع إلى اعتناقه و الأخذ به, و إنما هي تكرار فعل ما بصورة تنزع إليها النفوس جرياً على سنن يقلد بها التابع المتبوع, و هي تختلف زماناً و مدائن و أريافاً و أمماً و شعوباً, إذ أنها تستلهم من طبيعة إقليم أصحابها و مجريات أحوال زمانهم.
أما العادات عند المسامين العلويين فإنها لا تختلف بشيء عما عند إخوانهم العرب المسلمين من عادات, و ربما كانت فيهم أشد علوقاً و أبلغ أثراً, كإكرام الضيف, و سخاء اليد, و إباء النفس, و عفة اللسان, و صيانة العرض, و رعاية حقوق الجار, إلى ما هنالك من شجاعة و مروءة, و إقدام و غيرة, و شهامة و تضحية, و ما سوى ذلك من عادات في الأفراح و الأتراح يقومون بها مع التزام سنن الآداب و مراعاة حرمة التعاليم السماوية, و إنهم و أيم الحق لبرءاء من أية عادة تتنافى و مكارم الأخلاق.
و إن أعجب فعجب ما قرأت في العدد الثامن و الخمسين من مجلة الأجيال عام (1953) تحت عنوان (نحن و التاريخ) ترجمة الأستاذ (منير الشعار) عن مؤلف باللغة الأجنبية للمؤرخ المعاصر الدكتور (فيليب حتي) ( يقال أن عند العلويين عوائد سرية ليلاً لا يظهر عليها غيرهم) إلى كثير من الإرجاف و الإجحاف في عقائد العلويين و عاداتهم مما تأباه الأخلاق و الأذواق, و أعجبُ منه صدورُه عن جهبذ التاريخ في هذا العصر الحر و أَحد أَساطينه, الدكتور (فيليب حتي) و سماحه لقلمه أن يجري بمداد الأقوال المكذوبة و المقولات المغرضة, دون أن يكلف نفسه بعض عناء التمحيص و جهد الاستقصاء, و دون أن يشير إلى مصادر تلك الأباطيل و السفسطات, و الخليق بمن يؤرخ للأجيال أن لا يعتمد على ما يقال, لأن التاريخ بناء, أساسه الواقع و دعامته الحقيقة, ترفع قواعده العقول المتحررة و الضمائر الحية, لا خيالات و أوهام يبعثها الافتئات و يمليها الارتزاق, و قد نربأ بمؤرخنا المعاصر و هو من هو أن يكون حمله شيء من ذلك على هذا الإسفاف الصريح و التحامل المفضوح على العلويين.
و إذا كان عذر المؤرخين القدماء فيما افتروه على هذه الفئة العربية المسلمة من القول الزور و البهتان العظيم, إرضاء أصحاب الطيالس و الصوالج الذين كان الطعن و التجريح مرضاة نفوسهم المريضة و دواءها, و أداة الحظوة و القبول لديهم, فما عذر مؤرخنا الكبير و قد تبدلت الأرض غير الأرض و تغير وجه الزمان, و أسدل الستار على الشعوبيين و أحكامهم الجائرة, و انبعث في الأمة العربية حكام من صميمها, رسل سلام و رحمة للناس, و دعاة وحدة و إخاء في العرب, و ما مبرره في ما نقل للأجيال عن العلويين دون تمييز بين القول و التقول, و هو المفروض به الترفع عن التقليد الأعمى و التحرر من قيود العصبية البغيضة.
و واعجباً و أكثر يعمل علماء هذا العصر دائبين لتخطي متون الأفلاك و اختراق طبقات الأرض و تذليل عقبات الهواء و الماء, حرصاً على أمانة اختصاصهم العلمي, و إكتشافاً لما في مستودعات هذا الكون من أسرار, و يتجشم المؤرخون و الباحثون عناء قطع آلاف الأميال و جهد مشاق الترحال سعياً وراء الحقيقة ضالة التاريخ المنشودة, و لا يكلف مؤرخنا الأمين نفسه المتحررة عناء قطع عشرات الأميال في إحدى رحلاته إلى سوريا أو لبنان, تعرَّفا على العلويين, و ليعرف منهم عن عقائدهم و عوائدهم ما لا يمكنه معرفته من غيرهم, و رعياً لحرمة التاريخ و فقد حمل أمانته.
و هو و لا شك لو أراد أن يعلم لما جهل أن هذه الفئة العربية المسلمة ليست مجهلا من مجاهل التاريخ و لا أسطورة من أساطير الخيال ليجعل المؤرخون من عقائدها و عاداتها أحاديث سمار و أَقاصيص رواة, بل هي حقيقة ثابتة في الوجود, و أداة فعلة في حقل دنيا العرب و المسلمين.
و لو تبصر لبصر أن ما كتبه عن العلويين في مقاله ذاك بعيد عن الصدق بُعد الباطل عن الحق, و لكنه نزل بهم عند حكم مشيئته و وقف منهم حيث وقف سلفه في أودية التيه و المغالطات و في دياجي الخيال و الظنون عشواً عن أنوار الحقيقة المشرقة عليهم فتهدي إلى عقائدهم و عوائدهم كل بصير يفتأ يجعل عليه من ضميره رقيباً و من وجدانه حسيباً.
و ما كنت لأولي هاتيك الترهات و الأباطيل أَية التفاته و قد تولاها الواقع الراهن بالدحض و التكذيب, و شهد الحق المبين بصراحة بطلانها, لولا أن الغاية من وضع هذا الكتاب هي إظهار الحقيقة و الانتصار للحق, و قصد إطلاع الرأي العام على ما دونه المغرضون من أراجيف مختلفة, فتشهد الإنسانية الصحيحة تنكر إدعيائها من المؤرخين لمبادئها المثلى, و مدى تجنيبهم و تحاملهم على العلويين فيعلم من لا يعلم, إذا كان هذا حالهم مع كتّاب و مؤرخي هذا العصر الذي تألقت فيه أنوار الحرية و استشعر عالمه المناداة بالعدالة الاجتماعية, فما الظن بهم في عصور كان يتجاذب طرفيها الظلم و الظلام. و أحرٍ بهذا الكتاب و قد حمل أمانة التاريخ أن يكون رعاها حق رعايتها, فتدبر ما نقله للأجيال القادمة بحكمة الخبير المنصف جاهداً لإرضاء الحق و العدالة الإنسانية, بدلا من اندفاعه وراء النزوات و انصياعه لأحكام العواطف و الشهوات, و لا أدل على تحكم عاطفته بعقله و إسلاس قياده لهواه في كتابته عن العلويين من بلبلة رأيه و اضطراب قلمه, فهو تارة يرميهم بالوثنية و طوراً بالحلولية, وحيناً بالإباحية, و غير خفي على المبتدئ من طلبة العلم فكم بالأحرى العلماء فرق ما بين الوثنية و الحلولية, و هو لو تمقل روايته بعين درايته لتجلت له الحقيقة بأطهر أثوابها نافضة ما علق بها من غبار الزيف و التشويه, صارخة بصوتها المدوي في أذن كل من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد, إن على العلويين حصانة خلقية تحول بينهم و بين ما يتنافى و شرعة السماء, حصانة اكتسبوها من صدق ولائهم لآل بيت نبيهم الطاهرين, و سيرهم على سنة أئمتهم العادلة, و حرصهم على أصالة أنسابهم العربية العريقة, و ذلك كاف للعدول بهم عن مخازي الأقوال و الأفعال.
.