الكوليرا
سكَن الليلُ |
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ |
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ |
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ |
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ |
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ |
في كل فؤادٍ غليانُ |
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ |
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ |
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ |
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ |
الموتُ الموتُ الموتْ |
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ |
طَلَع الفجرُ |
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ |
في صمتِ الفجْر, أصِغ, انظُرْ ركبَ الباكين |
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا |
لا تُحْصِ أصِغ للباكينا |
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين |
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ |
مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ |
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ |
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ |
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ |
الموتُ الموتُ الموتْ |
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ |
الكوليرا |
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ |
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ |
استيقظَ داءُ الكوليرا |
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا |
هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ |
يصرخُ مضطربًا مجنونا |
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا |
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ |
في كوخ الفلاّحة في البيتْ |
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ |
الموتُ الموتُ الموتْ |
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ |
الصمتُ مريرْ |
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ |
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ |
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ |
الميّتُ من سيؤبّنُهُ |
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ |
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ |
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ |
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ |
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ |
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ |
الموتُ, الموتُ, الموتْ |
يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ |