كن كالمـــــــــــاء
كن
واسع الصدر والأفق كالمـــــــــــاء
ألا ترى أنه لا يميّز حين يتساقط بين قصورالأغنياء وأكواخ الفقراء بين حدائق الأغنياء وحقول الفقراء
كن ليناً كالماء
يسكب في أوعية مختلفة الأشكال والأحجام والألوان فيغيّر شكله.. لكن .. دون أن يبدّل تركيبه
كن نقيّاً كالماء
ألا ترى أن البحر طاهر مطهر لا يكدّره شيءلو رميت حجراً.. سيتكدر سطحه لكن سرعان ما سيعود إلى ما كان عليه
كن حكيماً كالماء
ألا ترى أنه إذا اشتد الحر تبخّر وانطلق نحو السماءوحين يبرد الجو ويلطف يتكاثف و يعود إلى الأرض في قطرات المطر
كن صبوراً كالماء
ألا ترى كيف تندفع الأمواج نحو الصخور تارة تلو الأخرى يوما تلو اليوم .. أسبوعا تلو أسبوع و قرناً بعد قرن حتى تترك آثارها في الصخر الأصم
كن ودوداً كالماء
ألا ترى كم هو لطيف ذلك الندى الذي يظهر كل صباح يداعب أوراق النبات الخضراء ويجري بين نسيم الصباح بخفه
كن متواضعاً كالماء
ألا ترى أنه ينزل من أعالي السماء فوق السحاب ويختبئ في أعماق الأرض
قال تعالى:
(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ )
يقول إيليا أبو ماضي
خذ ما استطعت من الدنيا و أهليها | لكن تعلّم قليلا كيف تعطيها |
كن وردةً طيبها حتّى لسارقها | لا دمنه خبثها حتّى لساقيها |
أكان في الكون نور تستضيء به | لو السماء طوت عنّا دراريها؟ |
أو كان في الأرض أزهار لها أرج | لو كانت الأرض لا تبدي أقاحيها ؟ |
إن الطيور والدمى سيّان في نظري | و الورق إن حبست هذي أغانيها |
إن كانت النفس لا تبدو محاسنها | في اليسر صار غناها من مخازيها |
*** | |
يا عابد المال قل لي هل وجدت به | روحاً تؤانسك أو روحاً تؤاسيها |
حتّى م ، يا صاح ، تخفيه و تطمره | كأنّما هو سوءات تواريها ؟ |
و تحرم النفس لذات لها خلقت | و لم تصاحبك ، يا هذا ، لتؤذيها |
أنظر إلى الماء إنّ البذل شيمته | يأتي الحقول فيرويها و يحميها |
فما تعكّر إلاّ و هو منحبس | و النفس كالماء تحكيه و يحكيها |
ألسجن للماء يؤذيه و يفسده | و السجن للنفس يؤذيها و يضنيها |
و انظر إلى النار إنّ الفتك عادتها | لكنّ عادتها الشنعاء ترديها |
تفني القرى و المغاني ضاحكة | لجهلها أنّ ما تفنيه يفنيها |
أرسلت قولي تمثيلا و تشبيها | لعلّ في القول تذكيراً و تنبيها |
لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعبٍ | من اشتهى الخمر فليزرع دواليها |