لو صادفك إنسان أعمى وطلب منك أن تصف لهُ هذه الدنيا ... ماذا ستقول لهُ

سأقول له كما رأى أبو العلاء هذه الدنيا وبدون عينين :
عجبتُ للمالكِ القنطار من ذهَبٍ، يَبْغي الزّيادَةَ، والقيراطُ كافيه
وكثرَةُ المالِ ساقتْ للفتى أشَراً، كالذَيلِ عَثّرَ، عند المشي، ضافيه
لقد عرَفتُكَ عَصراً مُوقِداً لهَباً، من الشّبيبَةِ، لم تَنضَبْ أنافيه
والشّيخُ يُحزِنُ من، في الشرخ، يعهده كأنّهُ الرَّبعُ هاجَ الشوْقَ عافيه

وكما يقول أيضا :
العَقلُ إنْ يَضعُفْ يكُنْ مَع هذه الدّنيا، كعاشق مُومسٍ تُغويهِ
أو يَقوَ، فهيَ لَهُ كحُرّةٍ عاقِلٍ حَسناءَ يَهواها ولا تُهويهِ

قد نكون في زمن نمدح فيه الأعمى على نعمته، ونحسد الأخرس على علته، قد يكون من حسن حظ هذا الأعمى أنه هكذا، في زمن أضحى فيه المجتمع كالغابة، والناس كالحيوانات، البقاء للأدهى والأكثر دعما، والأقوى عضلات.

يا سيدتي، انما رؤية الأشياء عادة، تعلمناها منذ الصغر وفهمنا أن هذه الشجرة هكذا شكلها، وأن الدائرة ترسم هكذا، وهكذا تعلمنا كيف نصف ما نراه، فكيف بهذا الأعمى أن يفهم ما تقولين؟؟ وكيف له ان يتمتع بوصف ما تشرحين ؟؟؟

الأفضل الإستماع اليه، فكل شيء في نظره ابيض او اسود، وقد يكون ذو بصيرة كافية ليكون هو نفسه عينانا على هذه الدنيا، علنا نحلم ولو لحظة بالانسانية والامان، بالبراءة والحنان، هذا هوي رأيي، تفضليه مع فائق الاحترام .

وانا رأيي متل رأي الأخ سهران لحالي هو كفى ووفا مشكور أخي سهران
ومشكورررررررة كتير يا نارة المنتدى المتألقة

لقد عشت مع أعمى، وكان يبوح لي برغبته في معرفة الألوان والأشكال، كان زجالاً"يؤلف ويحفظ أشعاره، ويستعين بها على تأمين سبل العيش"بل كان يرتجل الزجل، وقد زار العنازة في عام 1972 وأقام سهرة زجلية في بيت أبو فهد على الطريق المؤدي إلى التلعة، ومن جهتي لا أستغرب كيف كان يستخدم الألوان والأشكال في وصفه، كان يسألني بإلحاح لأقدم له الوصف بما أستطيع من دقة للأزرق والأحمر والدائرة والشكل المتطاول وغيرها.. لم يكن يرى الأشياء كما هي كان يعيد خلقها مقارباً ما يراه المبصرون. لو رأيت أعمى لقلت له إن المقاربات أو التخيلات قد تكون أجمل من الأشياء، وكثيرة هي الأحلام التي تفقد توهجها عندما تتحقق. ولذكرت له أن التاريخ عرف أكثر من أعمى كالمعري وطه حسين، ممن أبصروا ما لا يراه المبصرون!