أم نزار قباني <فائزة آقبيق
قال أحد الفلاسفة:الرجل يبقى طفلاَُ ويشيخ فجأةُ إذا ماتت أمه
ما أجمل أن يرتقي الشعر إلى مكانة الأم فيخاطبها دون تكلف
ودون مبالغة فكل المعاني السامية لأمي مناسبة
فعند أمي أنا طفلة ولن أكبر أمام حنانها وعطفها
ولو طفت العالم بأكمله وعدت لن أجد أحن علي من حضن أمي
ولا أرق قلباُ من قلبها0000ولا أصدق من كلمات الحب على لسان الأم لأبنها
ولا حرمنا الله أمهاتنا الغاليات
ولا نجد أجمل من قصائد شاعرنا الكبير نزار قباني لنهديها لأمهاتنا0000
نشأ نزار في بيت عربي في جو رومانسي جميل ،تربطه بأمه علاقة حميمة فقد ظلت ترضعه من صدرها حتى بلغ السابعة من عمره وتطعمه الطعام بيدها حتى بلغ الثالثة عشرة من عمره حتى قالوا عنه أنه يعاني من عقدة أوديب (عاشق أمه)
ويصفها بقوله:كانت تسعى إلى المقابر في المواسم وتقدم النذور للأولياء وتطبخ الحبوب يوم عاشوراء وتمتنع عن زيارة المرضى يوم الأربعاء وعن الغسيل يوم الاثنين وتنهانا عن قص الأظافر إذا هبط الليل ولا تسكب الماء المغلي في البالوعة خوفاُ من الشياطين وتعلق الأحجار الكريمة في رقبة كل منا خوفاً عليه من الحاسدين وليس هناك أجمل من قصائد نزار التي كتبها للأم وأجمل ما نهديه لأمهاتنا هي إحدى نزار قباني التي يصف فيها والدته ويصف عطاءها الكبير الذي لا يوصف
في 21 من شهر مارس يحتفل العالم بعيد الأم ويحتفل الشعر بالذكرى 84 لميلاد الشاعر العربي نزار قباني هو الشاعر الذي أجلّ المرأة التي هي: الأم الحبيبة والأخت ولم ينسى أمه الكبرى أمته العربية التي كانت ترضع من نهد الجراح الوجع والحزن.
بعيداً عن نزار الذي عرفه الجميع بغزلياته في المرأة وسميّ بشاعرها اليوم نحتفل بنزار الآخر والمرأة هذه المرة هي الأم والمدينة والأمة العربية الأم التي تحولت إلى أمة بعد الألم هو الشاعر العربي الذي لم يخجل من اسم أمه يوماً في قبيلة الرجال هو الذي باح لها بسره عن ألمه وحزنه طوال حياته:
أيا أمي 000أنا الولد الذي أبحر ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر فكيف0000 كيف يا أمي
غدوت أباً ولم أكبر
ولما توفي والده000استغل الفرصة ليعزي نفسه ويشكو غربته لها هي:
أتى أيلول ياأماه
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول ,أين دمشق؟
أين أبي,أين عيناه؟
وأين حرير نظراته,وأين عبير قهوته
سقى الله مثواه
كان الأقرب لأمه من بين أخوته ,لذلك حتى وهو في السبعين كان يشعر بأنه طفل يريد حضنها الحنون:
طفت الهند000طفت السند000طفت العالم الأصفر
ولم أعثر
على امرأة تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها إليّ عرائس السكر
يا أيها الثوار
أريد بندقية
خاتم أمي بعته من أجل بندقية
اجمل هدية في عيد الأم ,لم يسبقه إليها أحد إنه الشاعر العظيم (نزار قباني)
أتعلمون ماذا أهدى الشاعر الكبير نزار قباني أمه في عيد الأم؟؟00
لقد أهداها ذاته بقوله:يوم ولدت في 21 آذار 1923م في بيت من بيوت دمشق القديمة كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة ,وكان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء .الأرض وأمي حملتا في وقت واحد0000هل كانت مصادفة ياترى أن تكون ولادتي في الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها000وترمي فيه الأشجار كل أثوابها القديمة؟أم كان مكتوباً علياً أن أكون كشهر آذار شهر التغيرات والتحولات كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت كانت الطبيعة تنفذ إنقلابها على الشتاء0000على روتين الطبيعة.
لاطفل يولد عندنا
إلا وزارت أمه يوماً
فراش أبي لهب0000
أمي 0000لاتتعاطى العلاقات العامة000
وليس لها صورة واحدة
في أرشيف الصحافة
لاتذهب إلى الكوكتيلات
وهي تلف ابتسامتها
بورقة سلوفان0000
لاتشتري ملابسها من لندن وباريس
وترسل تعميماً بذلك إلى من يهمه الأمر0000
فأمي000دقة قديمة
ولانفهم كيف يكون
للمرأة حب أول000وثانٍِِِ 000وثالث000وخامس
عشر000
أمي تؤمن برب واحد000وحبيب واحد000
وحب واحد
------------------------------------------------------------------------------
أخطأت يا صديقتي بفهمي000
فما أعاني عقدة
ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي
لكن كل امرأة أحببتهاأردت أن تكون لي حبيبتي وأمي000000
من كل قلبي أشتهي
لو تصبحين أمي000000
خمس رسائل إلى أمي0000نزار قباني
صباح الخير ياحلوة0000
صباحُ الخير ياقديستي الحلوة
مضى عامان ياأمي
على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافية
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها,وأنهرها,وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابيناً من النعناع والزعتر
وليلكة دمشقية000
أنا وحدي000
دخان سجائري يضجر
وأحزاني عصافيرٌ 00000
تفتشُ-بعدُ-عن بيدر
عرفتُ نساء000أوروبا
عرفتُ عواطف الإسمنت والخشب0000
عرفتُ حضارة التعبِ0000
وطفت الهندَ000طفت السندَ000طفتُ العالم الأصفر
ولم أعثر000000
على امرأةِ تمشط شعري الأشقرَ
وتحمل في حقيبتها0000
إليّ عرائسَ السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
أيا أمي
أيا أمي0000000
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف000فكيف ياأمي
غدوت أباَ
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلة؟
بها أوصيكِ ياأماه؟
تلك الطفلة الطفلة
فقد كانت حبيبة لأبي0000
يدللها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها000
ويطعمها000
ويغمرها برحمته000
000ومات أبي
ولا زالت تعيشُ بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته0000
وتسأل عن جريدته0000
وتسأل –حين يأتي الصيف-
عن فيروز عينيه0000
لتنثر فوق كفيه000
دنانيراَ من الذهب000
سلامات000
سلامات000
إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاء000فرحةِ ساحة النجمة
إلى تختي000
إلى كتبي000
إلى أطفال حارتنا000
وحيطان ملأناها 0000
بفوضى من كتاباتنا000
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامان0000يا أمي
ووجه دمشقَ
عصفورُ يخربشُ في جوانحنا
يعضّ على ستائرنا000
وينقرنا000
برفقٍِِِ من أصابعنا000
مضى عامان 000ياأمي
وليلٌ دمشقَ
فلٌ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكن في خواطرنا
مآذنها000تضيءُ على مراكبنا
كأنّ مآذن الأمويّ
قد زرعت بداخلنا000
كأنّ مشاتل التفاح000
تعبقُ في ضمائرنا
كأنّ الضوءَ ,والأشجار
جاءت كلها معنا0000
أتى أيلول يا أماه0000
وجاء الحزنُ يحمل لي هداياه
ويتركُ عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول000أين دمشق؟
أين أبي وعيناه؟
وأين حرير نظرته؟
وأين عبير قهوته؟
سقى الله مثواه0000
وأين رحاب منزلنا الكبير000
وأين نعماه؟
وأين مدارج الشمشير
تضحكُ في زواياهٌ
وأين طفولتي فيه؟
أجرجرُ ذيل قطتهِ
وآكل من عريشتهِ
وأقطف من بنفشاهُ
دمشقُ.دمشقُ000000
ياشعراَ
على حدقات أعيننا كتبناهُ
وياطفلاَ جميلاً000
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتيهِ0000
وذبنا في محبته
إلى أن في محبتنا قتلناه
أم المعتز وهي قصيدة كتبها في رثاء أمه:
كانت بيروت تموت بين ذراعيّ
كسمكةِ أخترقها رمح
جاءني هاتف من دمشق يقول:
((أمك ماتت))
لم أستوعب الكلمات في البداية
لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السمك كله في وقتِ واحد
كانت هناك مدينة حبيبة تموت000اسمها بيروت
وكانت هناك أم مدهشة تموت000اسمها فائزة
وكان قدري أن أخرج من موت000
لأدخل في موتِ آخر
كان قدري أن أسافر بين موتين
كل مدينة عربية هي أمي000
دمشق,بيروت,القاهرة,بغداد,الخرطوم
الدار البيضاء,بنغازي,تونس,عمان,الرياض
الكويت,الجزائر,أبوظبي وأخواتها
هذه هي شجرة عائلتي
كل هذه المدائن أنزلتني من رحمها
وأرضعتني من ثديها000
وملأت جيوبي عنباَ وتيناَ وبرقوقاَ
كلها هزت لي نخلها 000فأكلت
وفتحت سماواتها لي 000كراسة زرقاء
فكتبت
لذلك ,لا أدخل مدينة عربية000إلا وستناديني
ياولدي
لاأطرق باب مدينة عربية
إلا وأجد سرير طفولتي بانتظاري
لاتنزف مدينة عربية إلا وأنزف معها
فهل كانت مصادفة أن تموت بيروت
وتموت أمي في وقت واحد؟
يعرفونها في دمشق باسم أم المعتزوبالرغم من أن اسمها غير مذكور في الدليل السياحي
فهي جزء من الفلكلور الشامي
وأهميتها التاريخية لا تقل عن أهمية قصر العظم
وقبر صلاح الدين ومئذنة العروس
ومزار صلاح الدين
وعندما تصل إلى دمشق
فلا ضرورة أن تسأل شرطي السير عن بيتها
لأن كل الياسمين الدمشقي يهز فوق شرفتها
وكل الفل البلدي يتربى في الدلال بين يديها
وكل القطط ذات الأصل التركي تأكل00وتشرب000
وتدعو ضيوفها00وتعقد اجتماعاتها000
في بيت أمي
نسيت أن أقول لكم ,إن بيت أمي كان معقلاًََ للحركة الوطنية
في الشام عام 1935م
وفي باحة دارنا الفسيحة كان يلتقي قادة الحركة الوطنية السورية
بالجماهير ومنها تنطلق المسيرات
والتظاهرات ضد الانتداب الفرنسي000
وبعد كل اجتماع شعبي,كانت أمي تحصي عدد
ضحاياها من أصص الزرع التي تحطمت 000والشتول
النادرة التي انقصفت000وأعواد الزنبق
التي انكسرت0000000
وعندما كانت أمي تذهب إلى أبي شاكية له خسارتها
الفادحة كان يقول لها,رحمه الله,وهو يبتسم:
سجلي أزهارك في قائمة شهداء الوطن000وعوضك على الله
وتختجل أمي من سخرية أبي المبطنة ,ولكنها في
نفس الوقت تشعر بهزة عنفوان لأن بيتها صار
بيت الوطنية000ولأن أزهارها ماتت من أجل الحرية000
قهوة أمي مشهورة0000
فهي تطحنها بمطحنتها النحاسية فنجاناَ000فنجاناَ
وتغليها على نار الفحم000ونار الصبر0000
وتعطرها بحب الهال0000
وترش على وجه كل فنجان قطرتين من ماء الزهر000
لذلك تتحول شرفة منزلنا في الصيف000
إلى محطة تستريح فيها العصافير
وتشرب قهوتها الصباحية عندنا
قبل أن تذهب إلى الشغل
ومن كثرة الأزهار والألوان والروائح التي
أحاطت بطفولتي كنت أتصور أن أمي000هي موظفة
في قسم العطور بالجنة0000
بموت أمي
يسقط آخر قميص صوف أغطي به جسدي
آخر قميص حنان
آخر مظلة مطر
وفي الشتاء القادم
ستجدونني أتجول في الشوارع عارياَ
كل النساء اللواتي عرفتهن
أحببني وهنّ صاحيات
وحدها أمي0000
أحبتني وهي سكرى
فالحب الحقيقي هو أن تسكر
ولا تعرف لماذا تسكر
أمي متفشية في لغتي
كلما نسيت ورقة من أوراقي في صحن الدار
رشتها أمي بالماء مع بقية أحواض الزرع
فتحولت الألف إلى (امرأة)
والباء إلى ( بنفسجه)
والدال إلى( دالية)
والراء إلى (رمانة)
والسين إلى ( سوسنه) أو (سمكة) أو (سنونوة)
ولهذا يقولون عن قصائدي إنها ( مكيفة الهواء)
ويشترونها من عند بائع الأزهار
لامن المكتبة
كلما سألوها عن شعري كانت تجيب:
((ملائكة الأرض والسماء0000ترضى عليه))
طبعاَ 000أمي ليست ناقدة شعرموضوعية
ولكنها عاشقة ولا موضوعية في العشق
فياأمي 0000يا حبيبتي000يافائزة0000
قولي للملائكة الذين كلفتهم بحراستي خمسين عاماَ
أن لايتركوني
لأني أخاف أن أنام وحدي
قال أحد الفلاسفة:الرجل يبقى طفلاَُ ويشيخ فجأةُ إذا ماتت أمه
ما أجمل أن يرتقي الشعر إلى مكانة الأم فيخاطبها دون تكلف
ودون مبالغة فكل المعاني السامية لأمي مناسبة
فعند أمي أنا طفلة ولن أكبر أمام حنانها وعطفها
ولو طفت العالم بأكمله وعدت لن أجد أحن علي من حضن أمي
ولا أرق قلباُ من قلبها0000ولا أصدق من كلمات الحب على لسان الأم لأبنها
ولا حرمنا الله أمهاتنا الغاليات
ولا نجد أجمل من قصائد شاعرنا الكبير نزار قباني لنهديها لأمهاتنا0000
نشأ نزار في بيت عربي في جو رومانسي جميل ،تربطه بأمه علاقة حميمة فقد ظلت ترضعه من صدرها حتى بلغ السابعة من عمره وتطعمه الطعام بيدها حتى بلغ الثالثة عشرة من عمره حتى قالوا عنه أنه يعاني من عقدة أوديب (عاشق أمه)
ويصفها بقوله:كانت تسعى إلى المقابر في المواسم وتقدم النذور للأولياء وتطبخ الحبوب يوم عاشوراء وتمتنع عن زيارة المرضى يوم الأربعاء وعن الغسيل يوم الاثنين وتنهانا عن قص الأظافر إذا هبط الليل ولا تسكب الماء المغلي في البالوعة خوفاُ من الشياطين وتعلق الأحجار الكريمة في رقبة كل منا خوفاً عليه من الحاسدين وليس هناك أجمل من قصائد نزار التي كتبها للأم وأجمل ما نهديه لأمهاتنا هي إحدى نزار قباني التي يصف فيها والدته ويصف عطاءها الكبير الذي لا يوصف
في 21 من شهر مارس يحتفل العالم بعيد الأم ويحتفل الشعر بالذكرى 84 لميلاد الشاعر العربي نزار قباني هو الشاعر الذي أجلّ المرأة التي هي: الأم الحبيبة والأخت ولم ينسى أمه الكبرى أمته العربية التي كانت ترضع من نهد الجراح الوجع والحزن.
بعيداً عن نزار الذي عرفه الجميع بغزلياته في المرأة وسميّ بشاعرها اليوم نحتفل بنزار الآخر والمرأة هذه المرة هي الأم والمدينة والأمة العربية الأم التي تحولت إلى أمة بعد الألم هو الشاعر العربي الذي لم يخجل من اسم أمه يوماً في قبيلة الرجال هو الذي باح لها بسره عن ألمه وحزنه طوال حياته:
أيا أمي 000أنا الولد الذي أبحر ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر فكيف0000 كيف يا أمي
غدوت أباً ولم أكبر
ولما توفي والده000استغل الفرصة ليعزي نفسه ويشكو غربته لها هي:
أتى أيلول ياأماه
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول ,أين دمشق؟
أين أبي,أين عيناه؟
وأين حرير نظراته,وأين عبير قهوته
سقى الله مثواه
كان الأقرب لأمه من بين أخوته ,لذلك حتى وهو في السبعين كان يشعر بأنه طفل يريد حضنها الحنون:
طفت الهند000طفت السند000طفت العالم الأصفر
ولم أعثر
على امرأة تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها إليّ عرائس السكر
يا أيها الثوار
أريد بندقية
خاتم أمي بعته من أجل بندقية
اجمل هدية في عيد الأم ,لم يسبقه إليها أحد إنه الشاعر العظيم (نزار قباني)
أتعلمون ماذا أهدى الشاعر الكبير نزار قباني أمه في عيد الأم؟؟00
لقد أهداها ذاته بقوله:يوم ولدت في 21 آذار 1923م في بيت من بيوت دمشق القديمة كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة ,وكان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء .الأرض وأمي حملتا في وقت واحد0000هل كانت مصادفة ياترى أن تكون ولادتي في الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها000وترمي فيه الأشجار كل أثوابها القديمة؟أم كان مكتوباً علياً أن أكون كشهر آذار شهر التغيرات والتحولات كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت كانت الطبيعة تنفذ إنقلابها على الشتاء0000على روتين الطبيعة.
لاطفل يولد عندنا
إلا وزارت أمه يوماً
فراش أبي لهب0000
أمي 0000لاتتعاطى العلاقات العامة000
وليس لها صورة واحدة
في أرشيف الصحافة
لاتذهب إلى الكوكتيلات
وهي تلف ابتسامتها
بورقة سلوفان0000
لاتشتري ملابسها من لندن وباريس
وترسل تعميماً بذلك إلى من يهمه الأمر0000
فأمي000دقة قديمة
ولانفهم كيف يكون
للمرأة حب أول000وثانٍِِِ 000وثالث000وخامس
عشر000
أمي تؤمن برب واحد000وحبيب واحد000
وحب واحد
------------------------------------------------------------------------------
أخطأت يا صديقتي بفهمي000
فما أعاني عقدة
ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي
لكن كل امرأة أحببتهاأردت أن تكون لي حبيبتي وأمي000000
من كل قلبي أشتهي
لو تصبحين أمي000000
خمس رسائل إلى أمي0000نزار قباني
صباح الخير ياحلوة0000
صباحُ الخير ياقديستي الحلوة
مضى عامان ياأمي
على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافية
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها,وأنهرها,وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابيناً من النعناع والزعتر
وليلكة دمشقية000
أنا وحدي000
دخان سجائري يضجر
وأحزاني عصافيرٌ 00000
تفتشُ-بعدُ-عن بيدر
عرفتُ نساء000أوروبا
عرفتُ عواطف الإسمنت والخشب0000
عرفتُ حضارة التعبِ0000
وطفت الهندَ000طفت السندَ000طفتُ العالم الأصفر
ولم أعثر000000
على امرأةِ تمشط شعري الأشقرَ
وتحمل في حقيبتها0000
إليّ عرائسَ السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
أيا أمي
أيا أمي0000000
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف000فكيف ياأمي
غدوت أباَ
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلة؟
بها أوصيكِ ياأماه؟
تلك الطفلة الطفلة
فقد كانت حبيبة لأبي0000
يدللها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها000
ويطعمها000
ويغمرها برحمته000
000ومات أبي
ولا زالت تعيشُ بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته0000
وتسأل عن جريدته0000
وتسأل –حين يأتي الصيف-
عن فيروز عينيه0000
لتنثر فوق كفيه000
دنانيراَ من الذهب000
سلامات000
سلامات000
إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاء000فرحةِ ساحة النجمة
إلى تختي000
إلى كتبي000
إلى أطفال حارتنا000
وحيطان ملأناها 0000
بفوضى من كتاباتنا000
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامان0000يا أمي
ووجه دمشقَ
عصفورُ يخربشُ في جوانحنا
يعضّ على ستائرنا000
وينقرنا000
برفقٍِِِ من أصابعنا000
مضى عامان 000ياأمي
وليلٌ دمشقَ
فلٌ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكن في خواطرنا
مآذنها000تضيءُ على مراكبنا
كأنّ مآذن الأمويّ
قد زرعت بداخلنا000
كأنّ مشاتل التفاح000
تعبقُ في ضمائرنا
كأنّ الضوءَ ,والأشجار
جاءت كلها معنا0000
أتى أيلول يا أماه0000
وجاء الحزنُ يحمل لي هداياه
ويتركُ عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول000أين دمشق؟
أين أبي وعيناه؟
وأين حرير نظرته؟
وأين عبير قهوته؟
سقى الله مثواه0000
وأين رحاب منزلنا الكبير000
وأين نعماه؟
وأين مدارج الشمشير
تضحكُ في زواياهٌ
وأين طفولتي فيه؟
أجرجرُ ذيل قطتهِ
وآكل من عريشتهِ
وأقطف من بنفشاهُ
دمشقُ.دمشقُ000000
ياشعراَ
على حدقات أعيننا كتبناهُ
وياطفلاَ جميلاً000
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتيهِ0000
وذبنا في محبته
إلى أن في محبتنا قتلناه
أم المعتز وهي قصيدة كتبها في رثاء أمه:
كانت بيروت تموت بين ذراعيّ
كسمكةِ أخترقها رمح
جاءني هاتف من دمشق يقول:
((أمك ماتت))
لم أستوعب الكلمات في البداية
لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السمك كله في وقتِ واحد
كانت هناك مدينة حبيبة تموت000اسمها بيروت
وكانت هناك أم مدهشة تموت000اسمها فائزة
وكان قدري أن أخرج من موت000
لأدخل في موتِ آخر
كان قدري أن أسافر بين موتين
كل مدينة عربية هي أمي000
دمشق,بيروت,القاهرة,بغداد,الخرطوم
الدار البيضاء,بنغازي,تونس,عمان,الرياض
الكويت,الجزائر,أبوظبي وأخواتها
هذه هي شجرة عائلتي
كل هذه المدائن أنزلتني من رحمها
وأرضعتني من ثديها000
وملأت جيوبي عنباَ وتيناَ وبرقوقاَ
كلها هزت لي نخلها 000فأكلت
وفتحت سماواتها لي 000كراسة زرقاء
فكتبت
لذلك ,لا أدخل مدينة عربية000إلا وستناديني
ياولدي
لاأطرق باب مدينة عربية
إلا وأجد سرير طفولتي بانتظاري
لاتنزف مدينة عربية إلا وأنزف معها
فهل كانت مصادفة أن تموت بيروت
وتموت أمي في وقت واحد؟
يعرفونها في دمشق باسم أم المعتزوبالرغم من أن اسمها غير مذكور في الدليل السياحي
فهي جزء من الفلكلور الشامي
وأهميتها التاريخية لا تقل عن أهمية قصر العظم
وقبر صلاح الدين ومئذنة العروس
ومزار صلاح الدين
وعندما تصل إلى دمشق
فلا ضرورة أن تسأل شرطي السير عن بيتها
لأن كل الياسمين الدمشقي يهز فوق شرفتها
وكل الفل البلدي يتربى في الدلال بين يديها
وكل القطط ذات الأصل التركي تأكل00وتشرب000
وتدعو ضيوفها00وتعقد اجتماعاتها000
في بيت أمي
نسيت أن أقول لكم ,إن بيت أمي كان معقلاًََ للحركة الوطنية
في الشام عام 1935م
وفي باحة دارنا الفسيحة كان يلتقي قادة الحركة الوطنية السورية
بالجماهير ومنها تنطلق المسيرات
والتظاهرات ضد الانتداب الفرنسي000
وبعد كل اجتماع شعبي,كانت أمي تحصي عدد
ضحاياها من أصص الزرع التي تحطمت 000والشتول
النادرة التي انقصفت000وأعواد الزنبق
التي انكسرت0000000
وعندما كانت أمي تذهب إلى أبي شاكية له خسارتها
الفادحة كان يقول لها,رحمه الله,وهو يبتسم:
سجلي أزهارك في قائمة شهداء الوطن000وعوضك على الله
وتختجل أمي من سخرية أبي المبطنة ,ولكنها في
نفس الوقت تشعر بهزة عنفوان لأن بيتها صار
بيت الوطنية000ولأن أزهارها ماتت من أجل الحرية000
قهوة أمي مشهورة0000
فهي تطحنها بمطحنتها النحاسية فنجاناَ000فنجاناَ
وتغليها على نار الفحم000ونار الصبر0000
وتعطرها بحب الهال0000
وترش على وجه كل فنجان قطرتين من ماء الزهر000
لذلك تتحول شرفة منزلنا في الصيف000
إلى محطة تستريح فيها العصافير
وتشرب قهوتها الصباحية عندنا
قبل أن تذهب إلى الشغل
ومن كثرة الأزهار والألوان والروائح التي
أحاطت بطفولتي كنت أتصور أن أمي000هي موظفة
في قسم العطور بالجنة0000
بموت أمي
يسقط آخر قميص صوف أغطي به جسدي
آخر قميص حنان
آخر مظلة مطر
وفي الشتاء القادم
ستجدونني أتجول في الشوارع عارياَ
كل النساء اللواتي عرفتهن
أحببني وهنّ صاحيات
وحدها أمي0000
أحبتني وهي سكرى
فالحب الحقيقي هو أن تسكر
ولا تعرف لماذا تسكر
أمي متفشية في لغتي
كلما نسيت ورقة من أوراقي في صحن الدار
رشتها أمي بالماء مع بقية أحواض الزرع
فتحولت الألف إلى (امرأة)
والباء إلى ( بنفسجه)
والدال إلى( دالية)
والراء إلى (رمانة)
والسين إلى ( سوسنه) أو (سمكة) أو (سنونوة)
ولهذا يقولون عن قصائدي إنها ( مكيفة الهواء)
ويشترونها من عند بائع الأزهار
لامن المكتبة
كلما سألوها عن شعري كانت تجيب:
((ملائكة الأرض والسماء0000ترضى عليه))
طبعاَ 000أمي ليست ناقدة شعرموضوعية
ولكنها عاشقة ولا موضوعية في العشق
فياأمي 0000يا حبيبتي000يافائزة0000
قولي للملائكة الذين كلفتهم بحراستي خمسين عاماَ
أن لايتركوني
لأني أخاف أن أنام وحدي