اذكر امرأتي وقد تدلت من اذنيها حلقات خرز
على جبال واحدة من الدهشة , لم اتوقع ان يتشكل المشهد حكايا تصنعها الخرافة دون الحاجة لحراس الازمنة حين افتح بوابات الذاكرة على المنظر الاكثر تعقيدا في ذاكرة الروح , اشهق بعيدا عن الصدفة الجغرافية , بعيدا عن التخطيط التاريخي ... كان(الالبروز) ورودا في الذاكرة... ومن الجبل تدلت عناقيد لنساء يحملن في اذانهن اقراطا من خرز... حدث ذلك الشيئ في زمن كانت المنازل منارات خشبية وصوامع , واشجار كثيفة حملت اوراقها وجوه غريبة , لا بل انني اذكر الان بوضوح وجه الجيران العتيق , اجل ثمة ارواح تتباهى بقربها من الجبل العتيد .. ان ذاكرتنا ياصديقتي ليست اكثر من دموع جريحة منسكبة بصمت وكبرياء من عيون خضراء اوعسلية ولا فارق .. لا فارق بين الدمعة في العيون الخضراء وحريق الدمعة في الزرقاء او السوداء ..كلها الم على الم ... وكانت الدموع معطفا للدعاء الى الله ... ليس مسموحا لي من شركسيتي التعبير عن الالم , فهذا خارج عن اطار الرجولة التي اسس قواعدها ( ساوسرقة ).. لكن من قال ان (ساوسرقة) لا يتقن البكاء ؟؟
نفس الوجه العتيق يتمتم بصلاة غير مفهومة عندما اخترق نصل السيف القصير صدري نفس الوجه شهق منذ مئات السنين ولم يطلق زفيره بعد فيما تطوح جسدي بين الاحمر القاني والاخضر واخذت العيون الخضراء شكل الشفق .. نفس الوجه العتيق من التصقت صورته حتى اللحظة منذ مئات السنين .. كيف اقنعت الشعر المنسدل ان يغطي خوفه بقرنفلة وزهرة وقنديل من زيت وانتظاري اجيال واجيال من نافذة خشبية الى نوافذ الالمنيوم والسنديان ..على فراش واحد بين الجبل والسماء اشعر باختراق نصل السيف القصير في صدري بينما تخيط دمائي اللباس الابيض قطبا من جمر على جسدي ..اذكر ..اذكر ذات جيل من الان ان امرأتي كانت تحمل اذنيها حلقات من خرز ملون من احجار جبلية ارتوت بالنار والتراب ..
من دم بينما اهوي في البياض .. لاشيئ غير البياض وصلاة المكان ولا مكان مجرد مكان غيرك.. أنتظر روايتك هذه المرة من نار سوداء
هامش :
( الالبروز )
جبل وقمته هي الاعلى في اوروبا- جمهورية ( قبردينيا بلقار) الشركسية التابعة للا تحاد الروسي
النارتيين :
هم اصل الشعب الاديغي ( الشركسي )
(ساوسرقة)
بطل اسطوري من ملاحم اساطير النارتيين يتشابه في قصته مع (اخيليس) في الاساطير الاغريقية القديمة