الشغل مو عيب ...!!
------------------------------------------------------
قرأت هذه القصة عن ابراهام لنكولن في كتاب :
كان ابراهام لنكولن ابن صانع أحذية وأصبح رئيساً للولايات المتحدة الامريكية . بالطبع لقد أزعج ذلك جميع الأرستقراطيين ..وأثار أيضاً غضبهم , وليس مصادفة انه تعرض للأغتيال بعد فترة وجيزة . لم يكن بإمكانهم أن يتقبلوا فكرة ابن صانع احذية كرئيس للجمهورية .
وفي اليوم الأول عندما كان يستعد ليلقي خطبته الأفتتاحية أمام مجلس الشيوخ , وقف أحد الأرستقراطيين وقال له :
(سيد لنكولن ) , بالرغم من أنك أصبحت عن طريق المصادفة ريئساً للجمهورية , لاتنس أنك كنت تأتي مع والدك إلى منزلنا لتصنع الأحذية لعائلتنا . ويوجد الآن عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ الذين ينتعلون الأحذية التي صنعها والدك . إذا يجب أن لاتنسى أصلك أبداً
كان هذا الأرستقراطي يظن أنه سيذل لنكولن , لكن ليس بالإمكان أن تذل شخصاً مثل أبراهام لنكولن . إن الأشخاص الصغار فقط الذين يعانون من عقدة النقص , يمكن إذلالهم ..
أجاب لنكولن بعبارة يجب أن يتذكرها الجميع . قال :
أنا شاكر لك أن تذكرني بأبي قبل أن ألقي كلمتي الأفتتاحية أمام مجلس الشيوخ . لقد كان والدي في غاية الجمال , لقد كان فناناً مبدعاً – لم يكن بأستطاعة أي شخص ان يضاهيه في صنع احذية جميلة , أنا أعرف تمام المعرفة أنني مهما فعلت , لن أكون على مستوى من العظمة كرئيس جمهورية يوازي عظمة والدي كفنان مبدع في صنع الأحذية , أنا لايمكنني أن أتفوق عليه ..
ولكن في معرض الحديث , أريد ان أذكركم جميعاً أيها الأرستقراطيون انه إذا كانت الأحذية التي صنعها والدي تسبب لكم الإزعاج , وبما أنني تعلمت أيضاً فن صنع الأحذية من والدي , وبالرغم من أنني لست بصانع احذية عظيم , باستطاعتي أن أصلح لكم أحذيتكم . كل ماعليكم أن تخبروني وسأحضر الى منازلكم ".......
ساد قاعة مجلس الشيوخ صمت رهيب , وفهم أعضاء مجلس الشيوخ أن ليس بإمكانهم أن يذلوا هذا الرجل ..
.......................
..لاعلاقة للأبداع بأي عمل معين . للأبداع علاقة بنوعية وعيك , فمهما كان الشيء الذي تصنعه , يمكنه أن يصبح عملاً مبدعاً إذا كنت تعرف معنى الإبداع ..
الإبداع يعني أن تعشق عملك وتستمتع به وكأنه نوع من التأمل ..إذا كنت تقوم بأعمال التنظيف وتستمتع بهذا العمل ,فإنه عمل مبدع ..وإذا لم تكن تستمتع به فإنه يصبح نوعا من أنواع السخرة ...
.................................................. ....
في حياتنا الإجتماعية من الواضح تماماً أن العظمة ليست للشيء الذي تفعله مهما كان ماتفعله عظيماً ومهما كنت بارعا في عملك ..بل العظمة والتقدير هي لنوعية هذا العمل .. ومن هنا , تلك النوعية للعمل هي من تعطي القيمة للشخص بغض النظر إن كان متقن لعمله او بارع فيه ..فيكفي أن تقول مهندس أو دكتور حتى توضع في اعلى السلم الإجتماعي وتحظى بالتقدير ..وهذا أكثر ماتلمسه في العلاقات التي تمس الإرتباط والزواج وحتى نعوات الوفيات ..الدكتور فلان الفلاني ينعي وكأن هذه النعوات باتت دعوات لعرض المستوى الثقافي في العائلة ....والمحامي فلان الفلاني ..يعني يتم ذكر المهنة قبل الإسم حتى .."للأسف باتت التعازي على قدر الشهادات العلمية الموضوعة في النعوة .."
فهل ياترى بات العمل مهنة ..أم هوية ؟!
هل نستطيع التعرف على حقيقة الإنسان من خلال نوعية عمله ...بمعنى هل نوعية العمل تعكس حقيقة الإنسان فعلاً حتى يتم اعتباره هوية كما هو حاصل عندنا ؟.مالشيء المهم الذي استطيع معرفته عنك مثلاً إن أخبرتني انك مهندس أم دكتور ..؟!
ولماذا يتم ربط قيمة الإنسان بما يعمل ..وليس كيف يعمل ..؟!..الأ يعد هذا سبباً في اختفاء الإبداع لأي نوعية عمل ..؟!
من المعروف أن ربط قيمة الإنسان بما يعمل ..ليست واحدة في كل المجتمعات ..ففي المجتمعات المتحضرة يحظى حتى عامل التنظيفات بالإحترام والتقدير لنوعية عمله التي يقوم بها ...بينما في مجتمع كمجتماعاتنا يجب أن تتوارى خجلاً من مهنتك او مهنة أبيك إن كانت على هذا القياس ...؟!
لاأدري كيف نستطيع التحول كي نعطي قيمة لكيفية الاداء للعمل وليس لنوعية العمل بحد ذاته ...
فالطبيب والمهندس والفلاح والعامل " والكندرجي " وعامل التنظيفات كل إن كان يحب عمله ويبدع فيه ومخلص له ..هو اضافة جميلة للحياة ..لكن كيف السبيل للوصول إلى هذه الحالة .لاأدري ..؟!