العنازة بلدة الحب وملتقى الأحلام

دروس وثقافة اسلامية 419777اهلا وسهلا بكم دروس وثقافة اسلامية 419777
في موقع العنازة بلدة الحب و ملتقى الأحلام
اخي الزائر ان اردت الاشتراك
اضغط على التسجيل وان كنت مسجل سابقا اضغط دخول
وأهلا بــك


دروس وثقافة اسلامية 34710


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العنازة بلدة الحب وملتقى الأحلام

دروس وثقافة اسلامية 419777اهلا وسهلا بكم دروس وثقافة اسلامية 419777
في موقع العنازة بلدة الحب و ملتقى الأحلام
اخي الزائر ان اردت الاشتراك
اضغط على التسجيل وان كنت مسجل سابقا اضغط دخول
وأهلا بــك


دروس وثقافة اسلامية 34710

العنازة بلدة الحب وملتقى الأحلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العنازة بلدة الحب وملتقى الأحلام

    دروس وثقافة اسلامية

    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 10:46 am

    الدرس الأول


    مقدمة في فضيلة شهر رمضان المبارك




    التفكر والتأمل في الآيات الإلهية

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين سيما بقية الله في الأرضين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

    شهر رمضان شهر مبارك، شهر مليء بالعظمة، إذا أردت خير الدنيا ففي هذا الشهر، في هذا الشهر ينزل رب العالمين الرحمة، وقد أعطى وعداً باستجابة الدعاء.

    وان أردت الآخرة ففي هذا الشهر أيضاً.

    نحن نقرأ في القرآن الكريم أنّ الصائمين يخاطبون عندما يدخلون الجنة:

    (كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية)(1).

    لقد عُوضِت طاعة الصوم بنعمة الجنة، فكلوا واشربوا إنها المكافأة التي هيأها لكم شهر رمضان المبارك.

    إذا أردت التكامل السلوكي فبمقدورك التقدم خمسين عاماً خلال هذا الشهر، بل ربما خلال يوم واحد أو ليلة واحدة أو ساعة واحدة.

    لقد تفضل رب العالمين بقوله:

    (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)(2).

    إنما أوجبت عليكم الصيام كما أوجبته على السابقين لأجل بناء الذات وتكامل السلوك.
    أقسام الصوم


    الصوم ثلاثة أقسام تستدعي الدقة والعناية من الشباب الأعزاء.
    1 ـ الصوم الشرعي:


    الصوم الشرعي أن تصوم بطن الإنسان، وكما ورد في الرسائل العملية هو اجتناب المفطرات، ومن يلتزم بذلك فليس عليه قضاء ولا كفارة، ومن المسلّم به حصول منفعة الدنيا وثواب الآخرة، ولكن هذا الصوم لا يحقق الفوائد المرجوة الأخرى، فهو صوم شرعي وهو صوم العامة من الناس.
    2 ـ الصوم الأخلاقي:


    ويعني بالإضافة إلى صوم البطن أن تصوم الجوارح، العين والأذن واليد والقدم، وكذلك فهو صوم عن المحرمات وصوم عن المكروهات وصوم عن الشبهات.

    ورد في بعض الروايات ان من يكذب في شهر رمضان المبارك أو يغتب أحداً، أو يتهم أحداً، أو يجرح بلسانه أحداً فإن صومه باطل.

    زرعة عن سماعة قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال أفطر وعليه قضاؤه، فقلت ما كذبته الذي أفطر قال يكذب على الله وعلى رسوله(3).

    ان للصائم الحقيقي دعوة مستجابة عند الإفطار، وإذا صامت جوارحه وأعضاؤه كما صامت بطنه فبإمكانه الوصول بتكامله السلوكي إلى درجة عالية ورفيعة في الأيام الأخيرة من الشهر المبارك.

    سمعَ رسول الله (ص) امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله (ص) بطعام، فقال لها كلي فقالت: إني صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، إن الصوم ليس من الطعام والشراب(4).

    وفي رواية أخرى أن النبي الأكرم (ص) أمر الصائمين استحباباً، بأن يستأذنوه عند الافطار، وفي وقت الافطار حضر رجل مسن واستأذن النبي الافطار له ولا بنتيه.

    فقال النبي: أنت صائم فاذهب وافطر، ولكن ابنتيك ليستا صائمتين.

    فقال: يا رسول الله أنا مطمئن أنهما صائمتان، فقال: اذهب وقل لهما أن يتقيئا (واعطاه رجرة واسعة الفوهة) وعندما عمل بطلب النبي، سقطت من فمي الفتاتين قطعتان من اللحم، فتعجب من ذلك لأنهما لم تأكلا لحماً، وكان ذلك اللحم نتناً. وعندما سأل النبي عن العلة؟ قال: ألم تقرأ القرآن.

    (إن من يغتب يأكل لحم الميتة) ان الفتاتين مع كونهما صائمتين تكلمتا بغيبة الناس(5)؟

    يقول القرآن الشريف:

    (…ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)(6).

    لا تغتب لأن الغيبة أكل لحمِ الأموات، ومادمت تكره لحم الميتة فاجتنب الغيبة إذاً، ولا تلوكنَ عيوبَ الناس بغيبتهم.

    يقال لهذا القسم الثاني من الصوم (الصوم الأخلاقي).

    لأن الإنسان يسعى إضافة إلى صوم البطن أن تصوم جوارحه أيضاً.

    وطلب التوفيق من الله والتوسل بالأئمة الطاهرين (ع) وحضرة الزهراء (ع)، إعانة الصائمين على أداء الصوم الأخلاقي إضافة إلى الصوم الشرعي.

    في شهر رمضان المبارك إذا تلاعب أحد بنظره ولم يحفظ عينه وسمعه ولسانه وكذلك باقي أعضائه، فقد يكون أنجز صومه الشرعي، ولكنه لا يوفق لبلوغ درجة التقوى ولا الدعاء المستجاب ولا تكامل السلوك.
    3 ـ الصوم العرفاني:


    القسم الثالث من الصوم والذي يعتبر شاقاً هو صوم العارفين، فبالإضافة إلى صوم البطن والجوارح والأعضاء فكذلك يجب أن يصوم القلب. ولكن ممّ يصوم القلب؟

    أن يصوم من خواطر السوء ومن الصفات الرذيلة.

    يعني على الرغم من وجود الرذيلة في القلب لكنه يحول دون تأججها، فلا يتأجج الحسد ولا يتأجج البخل ولا يتأجج سوء الظن ولا يتأجج التكبر.

    يعني أن القلب يصوم عن الالتفات لغير الله، فالعارف عندما يصوم لا يوجد في قلبه غير الله.

    إن هذا النوع من الصوم ليس لنا، ولكن الذي يوفق في صومه الشرعي وصومه الأخلاقي يستطيع الوصول إلى هذا المقام آخر شهر رمضان المبارك.

    إذا أصر الإنسان ـ وخاصة الشباب ـ أن يصل إلى مقام خلوص القلب وصفائه وأن لا يتحكم بقلبه غير الله، فإنه يستطيع ذلك.

    الصوم في شهر رمضان وجب لهذه الغاية، وجب لكي يتقدم الإنسان خطوة خطوة، في اليوم الأول والثاني والعاشر والخامس عشر وليالي القدر وبعد ليالي القدر، فإذا دقق النظر يرى أنه إضافة إلى أنّ إرادة البطن والجوارح قد اصبحت بيده، فقد تلاشت خواطر السوء أيضاً.

    وكذلك فإن الرذائل رغم عدم اقتلاعها من جذورها لكنها أصبحت تحت سيطرته.

    الأصنام تحطمت الواحد تلو الآخر، فتملك الله قلبه، وأنار الله قلبه، وبلغ مرتبة صفاء القلب.

    فكان آخر شهر رمضان كما وصف القرآن الكريم:

    (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)(7).

    يجب على الصائم في شهر رمضان أن يخطو نحو الأمام مستفيداً من نور الولاية ومستفيداً من نور الصوم، لكي تصوم بطنه وجوارحه عسى أن يأخذ الله بيده فيصل آخر شهر رمضان محل الرقي وموضع الكمال وهذا ممكن، وكثير هم الذين استطاعوا أن يطووا الخمسين عاماً بساعة واحدة، بل بلحظة واحدة.


    الفضائل والرذائل الأخلاقية



    قررت في هذا العام أن أتطرق إلى الفضائل والرذائل الأخلاقية على أن أبين في يوم إحدى الفضائل الأخلاقية مصحوبة بكيفية اكتسابها وتجذيرها في القلب.

    واستعرض في اليوم الآخر إحدى الرذائل الأخلاقية مصحوبة بأسلوب معالجتها مع ذكر الروايات المتعلقة بذلك.

    وأبدأ هذا اليوم بعون الله ولطف بقية الله بذكر الفضيلة الأولى:
    [b]التفكر والتأمل في الآيات الإلهية



    إن من أولى الفضائل هي التفكر والتأمل في آيات الله، ومقدار ما فيها من الثواب كما جاء في بعض الروايات:

    (تفكر ساعة خير من عبادة سنةٍ)(8).

    يعني أن الإنسان يستغرق في التفكير لحظة متسائلاً من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وإلى أين يذهب؟ ملتفتاً إلى أنه في محضر الله ومحضر النبي والأئمة الطاهرين (ع) ومحضر صاحب الزمان (ع) وأخيراً فإن الاستغراق في التفكير مع النفس ولو ساعة واحدة حول الدنيا والآخرة والتفكير في أمر النفس وحال الإنسان يعادل ثواب عبادة سنة كاملة.

    يعني ثواب قيام شخص في المسجد ليله ونهاره وصيامه سنة بتمامها يعادل تفكر ساعة في شهر رمضان المبارك أو غير شهر رمضان.

    قال أستاذنا الكبير حضرة الإمام الخميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتابه الأربعين:

    (تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة، من عبادة سبعين سنة) ومن المعلوم أنّ ذكر السنة والستين سنة وغيرها من باب المثال وذلك يعني مقدار الثواب المقابل لساعة التفكر لا يعلمه أحد غير الله.

    مضافاً إلى أن السعادة مرهونة بالتفكر والالتفات، فإذا كان بوسع هذا الإنسان إن يستغل الفضاء فإن القرآن أشار على إمكان إستثمار جميع السماوات وإنما يكون ذلك بالفكر والالتفات.

    (ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض)(9).

    يعني أيها الإنسان ليس بوسعك فقط استغلال السموات، بل تستطيع استغلال جميع العالم الموجود.

    وفي مورد آخر يشير القرآن الكريم إلى أن بوسع الإنسان أن يقيم علاقة مع الملائكة.

    (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة)(10).

    الذين يقولون ربنا الله ويستقيمون على هذا القول يعني انهم يتفكرون يعني أنهم منتبهون، ولهذا تنزل عليهم الملائكة تكلمهم بأن لا يحزنوا ولا يغتموا، نحن نعينكم على معاناتكم ونخفف عنكم كربة الموت، ونحن أولياؤكم في الدنيا والآخرة.

    الذي يستطيع التصرف بالفضاء وعالم المخلوقات وحده الإنسان المتكامل الذي فكر وتأمل وانتبه وعلى أساس ذلك سلك وتحرك.

    إضافة إلى ذلك فإن القرآن يطلب منا أن نفكر وننتبه، بل يشدد على ذلك:

    (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرة وأصيلا)(11).

    عن أبي عبد الله (ع) قال:

    ما من شيء إلا وله حد ينتهي إليه، إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه. فرض الله عز وجل الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حدّه، والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حداً ينتهي إليه، ثم تلا هذه الآية(12).

    (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرة وأصيلا).

    مطلب آخر ينبغي الالتفات إليه، وهو أن الهدف لجميع العبادات كما يريده القرآن هو الوصول إلى مرتبة الذكر، يعني الوصول إلى مقام الفكر ومقام التأمل.

    إذا كانت الصلاةُ مخاطبةَ اللهَ فلأجل الوصول إلى مرتبة الفكر والذكر وصيام شهر رمضان المبارك لهذا الهدف أيضاً.

    العبادة البدنية والمالية، عبادة القلب، أجمعها لفرض الوصول إلى مرتبة الفكر، لأجل الوصول إلى مرتبة الذكر.

    في سورة طه يقول:

    (انني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)(13).

    اني أنا الله لا إله إلا أنا، تعني أيها الإنسان حطم الأصنام، أيها الإنسان لا تتبع الهوى، لا تتبع الشيطان، أيها الإنسان لا تكن مذنباً في الحياة، صل وصم، اعط الخمس والزكاة اذهب إلى الحج والجهاد، أؤمر بالمعروف وانه عن المنكر، كن متولياً ومتبرياً، لماذا كل هذا؟ (…وأقم الصلاة لذكري)، لكي تصل إلى مرتبة الذكر مرتبة الفكر مرتبة التأمل.

    على هذا فقد كان بحث اليوم أنّ الفضيلة المهمة للإنسان والتي تتوقف عليها باقي الفضائل، والتي لأجلها وجبت العبادات هي الفكر والتأمل.

    نقلوا أنّ وصية معلم الأخلاق وأستاذنا الكبير العلامة الطباطبائي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ أثناء الموت للجميع كانت قوله:

    التأمل! التأمل! التأمل!.

    إني في آخر الموضوع أبلغكم رجالاً ونساءً وصية هذا الرجل العظيم أن تتفكروا، وأن تتأملوا، استغرقوا في الفكر ساعة من الليل والنهار، انتبهوا إلى أنكم في محضر الله.

    الإمام الراحل ـ رضوان الله تعالى عليه ـ كان يكرر قوله:

    التأمل! التأمل! التأمل!



    الهوامش:

    (1) سورة الحاقة، الآية: 24.

    (2) سورة البقرة، الآية: 183.

    (3) البحار، ج96، ص276، رواية 23، باب 32.

    (4) فروع الكافي، ج4، ص87، باب آداب الصائم.

    (5) البحار، ج96، ص293 و294.

    (6) سورة الحجرات، الآية: 12.

    (7) سورة النور، الآية: 37.

    (8) البحار، ج71 ص327 رواية 22 باب 80 عن أبي العباس عن أبي عبد الله (ع) قال: "تفكر ساعة خير من عبادة سنة إنما يتذكر أولوا الألباب".

    (9) سورة لقمان، الآية: 20.

    (10) سورة فصلت: الآيتين: 30 و31.

    (11) سورة الأحزاب، الآيتين: 41 و42.

    (12) أصول الكافي ج4 باب ذكر الله كثيراً الرواية الأولى.

    (13) سورة طه، الآية: 14.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:01 am

    الدرس الثاني
    فضيلة التأمل والتفكر


    بحثنا في موضوع الفضائل والرذائل الأخلاقية وفي آخر موضوع الأمس أشرت إلى فضيلة التفكر والتأمل، وتوصلنا إلى أن جميع الفضائل تعود إلى هذه الفضيلة، وان الهدف من العبادات هو التفكر والتأمل وان تقدم البشرية يعتمد على هذه الفضيلة.

    ان اجتياز مقام التوبة واليقظة والوصول إلى مقام التخلي، واجتياز مقام التخلي والوصول إلى مقام التحلي والتجلي ومن ثم مقام لقاء الله، كل ذلك بالاهتمام بفضيلة التفكر والتأمل.

    وموضوعي هذا اليوم حول التفكر والذكر، الذي لو التزامه الإنسان في حياته فسوف يحظى بسعادة الدنيا والآخرة قطعاً.

    ـ اطلاع الله والنبي والأئمة الطاهرين (ع) على أعمال الإنسان:


    يجب ان نلتفت إلى أننا في ساحة حضور الله وساحة حضور النبي الأكرم (ص) وحضرة الزهراء والأئمة الطاهرين (ع)، حتى اتجاه تفكيري وتفكيركم، وطريقة انتباهي وانتباهكم ملحوظة من قِبَلهم.

    يعني ان الله والنبي والزهراء والأئمة الطاهرين (ع) يعلمون ويدركون مدى اخلاصي في قولي لله. وكذلك مدى انتباهكم لما أقول وان حضوركم إلى هنا هل هو لله؟ أم لغيره!

    وفي هذا المورد آيات كثيرة:

    (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)(1).

    أيها الإنسان انتبه فانك في ساحة حضور الله، أن تحسن أو تسيء أو تذنب فانك في ساحة حضور الله، وفي ساحة حضور النبي (ص) والزهراء والأئمة الطاهرين (ع).

    عندما تنجز عملاً أو تقول شيئاً، أو حتى عندما تفكر، يجب أن تلتفت أولاً إلى هذه الآية، والتي تعني أن تأخذ بالحسبان أن الفكر والقول والعمل يعلمه الله والنبي والأئمة الطاهرون وحضرة الزهراء (ع). وان جميع أفكارنا وأعمالنا مكشوفة في ساحتهم المقدسة، يجب أن نكون منتبهين لهذا الأمر.

    إن هذا النوع من الفكر والانتباه ينظم قوى الإنسان ويولد بمرور الزمن رويداً رويدأً ملكة التقوى، قليلاً قليلاً مع سعة الصدر والصبر ومرور الزمن يتملك الإنسان حالة يتجنب معها الذنب العمدي بصورة لا إرادية، ويستحي بها من الله والنبي..

    ـ رقابة الملائمة على أعمال الإنسان:


    بالإضافة إلى هذا، اعلم أن الكثير من الملائكة المقربين وغير المقربين يتواجدون ويرقبون اقوالك وأعمالك، القرآن في أحد المواضع يقول هناك ملكان يرقبان ويكتبان أعمالك الحسنة والسيئة، أي يقومان بمهمة تعبئة الملف بشكل متواصل.

    (ما يلفظ من قول إلا لديه رقب عتيد)(2).

    لا تتفوه بشيء وما تفعل من شيء إلا ويسجله الملك الموكل بك وملف العمر هذا يفتح يوم القيامة.

    (وكل إنسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً)(3).

    يفتح هذا الملف يوم القيامة ويقال له اقرأ، سواء أكان يعرف القراءة أم لم يكن يعرفها يقال له:

    (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً)(4).

    مما يدل على أن الجميع يستطيعون القراءة يوم القيامة، ولكن بأي شكل يكون؟ ذلك ليس من موارد بحثنا الحاضر.

    فهذه إذن مجموعة من الملائكة التي تراقب أعمالنا.

    وبالإضافة إلى هذين الملكين، فان الملائكة المقربين لله مثل جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وحملة العرش. كذلك يرقبون اقوالك وأعمالك وأفكارك.

    (كتاب مرقوم * يشهده المقربون)(5).

    وذلك يعني أن أي شيء فعلته في الدنيا قد سجل في صحيفة الأعمال ويشهد عليه ملائكة الله المقربون يوم القيامة. وإنما يستطيع أن يدلي بالشهادة من كان حاضراً ورقيباً.

    فهذه الآية الشريفة تقول (إن الملائكة المقربين يشهدون يوم القيامة بما لك أو عليك).

    هذه الآية الشريفة تُعلمنا وتنذرنا، لكي تكون على حذر بأن جميع أقوالك وجميع أفعالك وحتى جميع أفكارك يراقبها الملائكة جبرائيل وإسرافيل وعزرائيل وحملة العرش، أي أنك في ساحة حضورهم.

    وقد ورد في الروايات أنّ جميع أعمالنا وأقوالنا وافعالنا يرقبها حضرة عزرائيل.

    الأشخاص الذين يؤدون الصلاة أول وقتها، الأشخاص الذين يولون الأهمية للصلاة والمحراب والمسجد، فان عزرائيل يرُفق بهم لحظة موتهم ويلقنهم الشهادتين.

    أما الأشخاص الذين لا يتصفون بذلك فإنه يشدد عليهم حين الموت.

    وسوف يرضى عنا عزرائيل إذا كانت أعمالنا حسنة ويسعف استغاثتنا أثناء الموت.

    ولن يرضى عنا إذا كانت أعمالنا سيئة ويستخرج أرواحنا بشدة ومشقة وإيذاء.

    وهذه هي الالتفاتة الثانية.

    ـ شهادة الدنيا على الإنسان:


    وهناك التفاتة أخرى يجب مراعاتها في مجال التفكر وهي انه بالإضافة إلى الله والنبي والأئمة الطاهرين وملائكة الله المقربين (ع) فان الباب والحائط والزمان والمكان كلهم حاضرون أيضاً ويرقبون أعمالنا واقوالنا، وهذا مما شهد به القرآن، ونحن نستفيد من القرآن إذاً بأن العالم حي وله شعور.

    إذا كنا نسمع ونرى ونعقل، علينا أنّ نفهم ان الباب والحائط ذوا انتباه وأنّ الزمان والمكان أحياء.

    ولا يستطيع العلم إثبات مثل هذا الأمر، وكذلك علم الفلسفة والعرفان لا يستطيع أن يقول لنا أن شهر رمضان المبارك حيّ مثلاً.

    ماذا يعني أنّ الارض التي نجلس عليها ذات انتباه. وكذلك الأعمدة والسقف. والسماعة التي أمامي والمصباح الذي فوق رأسي وأخيراً بأي معنى تكون جميع الأشياء في العالم ذات شعور، العلم لا يستطيع إثبات ذلك، ولكن القرآن يقول:

    (وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)(6). لا يوجد في هذا العالم شيء إلا وله شعور ويسبح الله، وان صوت (سبحان الله) و(الله أكبر) يصدح عالياً في عالم الوجود.

    القرآن يقول من كان له اُذن قلب يفهم أنّ العالم يتكلم معه بنفس الصوت، لقد كان للنبي داوود (ع) أذن قلب، لذلك عندما كان يقرأ الزبور فانه يسمع صوت وترديد الأشياء من حوله، يسمع مناجاة وتسبيح الجبل والباب والحائط والطير وغير الطير.

    (يا جبال أوبيّ معه والطير)(7).

    (نحن نسمع ونبصر ونعقل، وهذا يعني أننا صامتون مع الأجانب عنا) لكي يسمع الإنسان أو يرى هذه الأشياء يحتاج إلى قلب وأذن وعين.

    إذا فكر الإنسان وتأمل مرتين أو ثلاث مرات في اليوم. فسوف يصل رويداً، رويداً على الإحساس بأن الباب والحائط والزمان والمكان يرقبون أعماله وأقواله.

    نقرأ في الروايات أنّ الليالي والأيام تشهد لصالح الإنسان أو تشهد ضده يوم القيامة.

    أي أنّ اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك يشهد يوم القيامة بوجود مصلى للجماعة، أو منبر للإرشاد أو خطبة، ويشهد بأن الخطبة كانت لله أم كانت لغيره، وبالنتيجة يشهد إثماً كان ما جرى أم ثواباً.

    أما بخصوص المكان فان القرآن الكريم يقول في سورة الزلزلة:

    (بسم الله الرحمن الرحيم * إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها * يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).

    تحدث زلزلة عجيبة تجمع الناس يوم القيامة أمام الله، وتشهد الأرض على الإنسان عند ذاك.

    لو أن شخصين اغتابا أحداً في شهر رمضان المبارك، فان الأرض تشهد عليهم يوم القيامة.

    لو أن شخصين فعلا ما ينافي العفة ـ لا سمح الله ـ في غرفة ما، فان الأرض والسرير والفراش ووسائل النوم تشهد كلها على ذلك الرجل وتلك المرأة.

    يصاب الإنسان بالذعر ويسأل الأرض، لماذا تشهدين ضدي؟ فتجيبه لأن الله أنطقني، اليوم يوم الفضيحة، ولئن سكت في الدنيا فلأن الله لم يسمح بذلك.

    أما في يوم القيامة فان الله يأمرها بالكلام (بأن ربك أوحى لها) يعني أيها الرجل وأيها المرأة إنّ هذه الأرض التي نعبد عليها بمقدورها التكلم معنا. ولكن الله سمح لها أن تخاطب بعض الناس فقط. أما يوم القيامة فتخاطب جميع الناس.

    فتشهد إن كان هناك من عباده، كما تشهد إن كان هناك من ذنب لا تظن بأننا فقط لدينا شعور، نعم الإنسان لديه شعور ولديه قابلية، له مرتبة ومنزلة كالورد المنثور على سلة هذا العالم، ولكنه كما قال صدر المتألهين (رضوان الله عليه).

    (فكل موجود لديه من العلم والشعور والقدرة والإرادة بمقدار سعة وجوده)، وهذه العبارة العرفانية صاغها صدر المتألهين من القرآن ومن روايات أهل البيت (ع).



    يتبع
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:02 am

    الدرس الثاني
    ـ شهادة أعضاء الجسم على الإنسان:


    يجب الانتباه لشيء آخر أكثر أهمية من كل ما سبق، وهو أن أيدينا، أقدامنا، عيوننا، آذاننا، ألسنتنا، جلودنا، لحمنا، عظامنا، كلها سوف تشهد علينا يوم القيامة.

    وكذلك ينبغي أن نعلم أن هذه الدنيا دنيا المادة، وباطن هذه الدنيا هي الآخرة، هذه الدنيا عرض والآخرة باطنها الحقيقي. ووجهة نظر القرآن ان عالم الآخرة هو عالم الحياة، يقول القرآن الكريم:

    (وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)(8).

    فليتنا نعرف أنّ عالم الآخرة هو عالم الحياة، حيث تنطق فيه جميع الأشياء، الأفعى والعقرب تتكلم في جهنم، فتوبخ وتعاقب ولهيب جهنم يتكلم، يلوم ويعاقب، الفاكهة والقصر والسرير والماء ونعم الجنة تتكلم مع الإنسان ، تسليه وتسره.

    لذا في يوم القيامة إضافة إلى شعور روحه فإن جميع أعضائه وجوارحه تشعر وتسمع وتتكلم.

    والآيات كثيرة في هذا المورد منها:

    (حتى إذا ما جاؤوها شهد عليه سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون)(9).

    أعوذ بالله من ذلك اليوم الفاضح! يقول: يأتون في صفوف الحشر، تشهد عليهم أعينهم بنظرات السوء أو مشاهدة الفلم الفلاني من الفديو في الساعة الفلانية في اليوم الفلاني.

    آذانهم تشهد عليهم فتقول: اغتبتم، كذبتم، أسأتم، نلتم من الغير بألسنتكم، وثرثرتم.

    جلودهم تشهد، عليهم فتقول: ألم تلمس يدك وجسمك امرأة من غير المحارم؟

    وبالنتيجة الجلد والأذن والعظم تشهد على الإنسان فيذعر السيد من ذلك وتذعر السيدة منه كذلك، فيلتمسون ويقولون (لم شهدتم علينا).

    القرآن الكريم يستعرض عتابهم لآذانهم وأعينهم وألسنتهم بخطابهم لجلودهم (قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا) لماذا تشهدون ضدنا. فيكررون جواب الأرض (قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) أنا عندي شعور في الدنيا ولكن لم يسمح لي بالكلام، لم يسمح لي بالشهادة، أما الآن فإن الله أمرني بالنطق وادلاء الشهادة.

    تخبرنا هذه الآية الشريفة، بأن أعضاءنا وجوارحنا تعترف وتشهد علينا.

    ذلك الذي وقف يتعبد، فإن تلك الساق تشهد لصالحه يوم القيامة، إلهي لقد تعبت في الدنيا من استناده عليّ في عبادته ومناجاته في جوف الليل حيث كان يدعو ويصلي نافلة الليل.

    وتلك اليد التي ساعدت الفقراء والضعفاء تقول يوم القيامة إلهي إنه بواسطتي ساعد الفقراء والضعفاء، وكذلك اللسان الذي يلهج بالذكر والاذن التي تستمع إلى القرآن والأذن التي تستمع إلى خطب المنبر تقر بذلك للإنسان يوم القيامة.

    أما العين التي استمتعت بأفلام الفديو والأذن التي استمتعت العزف والغناء والموسيقى واللسان الذي انشغل بالغيبة ستشهد كلها على الإنسان يوم القيامة.

    القدم التي تحركت نحو الذنب، اليد التي سرقت والعياذ بالله أو التي طففت في البيع، أو لطمت وجه أحدما هذه اليد تشهد ضد الإنسان يوم القيامة.

    وكما يشير القرآن فإن هذا الإنسان اللجوج والنابي أحياناً عندما تشهد عليه الأرض والزمان والملائكة ونبي الله والأئمة الطاهرون (ع) ينكر ذلك فإذا انكر توقف لسانه عن الكلام.

    (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)(10).

    يعني أنّ هذا الإنسان الجاحد إذا أصر على اللجاجة يُقفل لسانه ولكن أعضائه وجوارحه تشهد عليه.

    يقول القرآن الكريم في موضع آخر:

    (ولا تَقفُ ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)(11).

    يعني أيها الإنسان احترس عن نشر الشائعة ولا تظنن بالآخرين سوءاً وانتبه لأقوالك وتحرك عن علم واتبع العلم وليس شيئاً آخر، ثم القرآن بعد ذلك يلفت الانتباه إلى:

    (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).

    ظاهرك وباطنك يشهد عليك يوم القيامة، من هذه الآية الشريفة نفهم أنه بالإضافة إلى شهادة اللحم والجلد والعظم وأعضاء الإنسان على الإنسان، فقلب الإنسان وروح الإنسان وماهية الإنسان تشهد عليه يوم القيامة.

    هذا الموضوع له جهة بحث عرفانية دقيقة أيضاً، لكنها ليست مورد بحثنا الحاضر. وموضوع بحثي هو الرجاء منكم رجالاً ونساءً أن تكونوا حذرين. لئلا تفتضحوا يوم القيامة بواسطة الزمان والمكان، وبواسطة الباب والحائط وبواسطة اللحم والجلد والعظم وبواسطة العين والأذن وبواسطة النفس.

    الافتضاح أمر صعب، وأكثر ما يؤلم الإنسان الافتضاح.

    لو أن أحداً أذنب في الدنيا لا سمح الله، فانه يرجح الموت على الفضيحة.

    المرأة التي ارتكبت فعلاً سيئاً ـ حتى لو كان بسيطاً ـ تفضل الموت على الفضيحة.

    الرجل والمرأة اللذان لا يريدان الفضيحة عليهما أن يعلما أن يوم القيامة يوم الافتضاح، يوم يشهد فيه الله والنبي والأئمة الطاهرون والزهراء (ع) وملائكة الله المقربون، والباب والحائط والزمان والمكان وجميع أعضاء وجوارح الإنسان، أما للإنسان أو عليه.

    انتبهوا لهذا الأمر، في كل يوم مرة أو اثنين أو ثلاث على الأقل بعد صلاتكم، وعند الفراغ، أو عند فراغ المرأة من أعمال البيت، أو أثناء عملك في السوق أو عندما تفرغ من ذلك، حدث نفسك وحلل هذه البحث وفكر فيه.

    (تفكر ساعة خير من عبادة سنة).

    فانتبه لهذا الأمر، لأن اهتمامنا يضمن السعادة في الدنيا والآخرة هذا الاهتمام يجعل الإنسان منتبهاً ومتفكراً، أي يمنحه ملكة التأمل والتفكر.

    هنيئاً لمن كان يملك هذه الملكة ملكة الالتفات والتفكر بشكل يتأمل ويلتفت إرادياً ولا إرادياً.

    القرآن يقول، إذا وصل المرء إلى هذه الحالة فإن الله يأخذ بيده ويرفعه لحظة بعد لحظة:

    (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه)(12).

    ثم يقول:

    (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)(13).

    أولئك الذين لديهم ملكة التفكر والتأمل لا تشغلهم التجارة وأعمال الدنيا من ذكر الله.



    الهوامش:

    (1) سورة التوبة، الآية: 105.

    (2) سورة ق، الآية: 18.

    (3) سورة الإسراء، الآية: 13.

    (4) سورة الاسراء، الآية: 14.

    (5) سورة المطففين، الآيتان: 20 و21.

    (6) سورة الإسراء، الآية: 44.

    (7) سورة سبأ، الآية: 10.

    (8) سورة العنكبوت، الآية: 64.

    (9) سورة فصلت، الآيتان: 20 و21.

    (10) سورة يس، الآية: 65.

    (11) سورة الإسراء: الآية: 36.

    (12) سورة النور، الآية: 36.

    (13) سورة النور: الآية: 37.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:04 am

    الدرس الثالث
    رذيلة الغفلة


    ما هي الغفلة


    بحث اليوم حول رذيلة الغفلة، وهي رذيلة مضادة لفضيلة التفكر والتأمل من وجهة أخلاقية كلما كان التفكر والتأمل عالياً ورفيعاً يوجب ارتفاع الإنسان وتكامله.

    أما رذيلة الغفلة ورغم صغرها فانها تحط الإنسان وتجره إلى السقوط وحسب تعبير القرآن الشريف فانها تهبط بالإنسان إلى مستوى الحيوان بل أكثر.

    (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)(1).

    الأشخاص الذين تحطم الغفلة قلوبهم لهم أعين ولكن لا يبصرون ولهم أذان ولكن لا يسمعون ولهم قلوب ولكن لا يفهمون، أولئك كالحيوانات بل هم أحقر منها.

    وحتى لو لم يكن عندنا شيء حول الغفلة سوى هذه الآية الشريفة فانها تكفي لنقول أن الغفلة من الصفات المذمومة.

    وفي آية اخرى يقول تعالى بأن الغفلة تغلق القلب وتختم السمع والبصر.

    (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون)(2).

    الغافلون بلا قلوب، قلوبهم مغلقة، لا يملكون القلب الواعي ولا الأذن السامعة حقيقة ولا العين الباصرة حقيقة وبالنتيجة فان قُفل الغفلة أوصل هؤلاء إلى مستوى الحيوانية صفة الغفلة على العكس من صفة الانتباه، تجر الإنسان إلى السقوط. وتفقده الدنيا كما تفقده الآخرة.

    والغفلة لها مراتب ودرجات تشبه مراتب التفكر والتأمل ولكن لا نتطرق إليها. وموضوع اليوم يدور حول الغفلة باعتبار متعلقها لا بلحاظ مراتبها.

    أقسام الغفلة
    1 ـ الغفلة عن العدو:


    الشيء الأول الذي يجب ان نلتفت إليه هو أن هذه الصفة تؤدي إلى الغفلة عن العدو، ومن يغفل عن عدوه يمكنه من القضاء عليه. فالغفلة في الخط الأول من جبهة الحرب تؤدي إلى إبادة ذلك الخط وإبادة الجند.

    ـ العدو الأول: الشيطان:

    يجب أن نعلم أن لنا عدواً شرساً، أقسم على العداوة.

    القرآن الكريم ذكر أن الشيطان جادل الله وعانده عدة مرات وأقسم خلال جداله أن يغوي عباده ليجعلهم من أهل النار عدا المخلصين منهم ـ المعصوم أو من يتلو المعصوم ـ.

    (قال فبعزتك لأعوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين)(3).

    لنا هكذا عدو أقسم على العداوة، فالغفلة عنه تجلب الفضائح، وذهاب الجاه والدنيا والآخرة.

    هذا العدو أقسم أن يشرع بالقليل ولا يكتفي به بل يمضي ما استطاع لذلك.

    القرآن الكريم يشير إلى أنه لا يأتي من طريق واحد بل من أي طريق يتمكن منه.

    وفي بعض المواضع التي جادل فيها الشيطان ربَ العالمين فقال:

    (فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)(4).

    يعني إلهي، بسبب ضياعي من أجل هذا الإنسان سوف أحول بينه وبين طريق السعادة. وسوف آتيه من الأمام والخلف واليمين والشمال، ولن أسمح لهم أن يكونوا صالحين، ولن أسمح لهم أن يستمتعوا بنعمتهم.

    الإمام الباقر (ع) يقول: معنى هذه الآية الشريفة أنّ الشيطان يقول: سأجعل الآخرة صغيرة واجعل الدنيا كبيرة في أعينهم وسوف آتيهم من طريق الذنب ومن طريق الدين. عن طريق الدين آتي إلى المقدسين، يعني عن طريق الرياء، عن طريق التظاهر بأن هذا رياء لا تفعله، هذا تظاهر لا تفعله، هذا عجب لا تفعله وأفسد عمل المتدينين بالوسوسة، وبالنتيجة سأسلك كل طريق فيه غواية للإنسان.

    وواضح ما ستفعله الغفلة بالإنسان عن هذا العدو المعاند.

    ـ العدو الثاني: هوى النفس:

    العدو الثاني النفس الأمارة وهواها وحواسها، وهذه النفس الامارة التي يخاف منها مثل حضرة يوسف (ع)، حيث يقول في دعائه لله (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)(5).

    وعندما خرج من الابتلاء منتصراً كرر قوله: إلهي لولاك لكنت من الخائبين.

    النفس الأمارة التي كما قال مولوي (شعراً):

    النفس ثعابين متى تموت تمتلىء غماً.

    فإذا تركت الإنسان في مكان ما أو في وقت ما فذلك لأنه لم يبق له ماء ليسبح فيه ولم يبق له مجال لكي يعمل.

    عن المرحوم المقدس الأردبيلي ـ أحد مراجع التقليد الذين وصلوا لخدمة الإمام صاحب الزمان (ع) عدة مرات ـ.

    سئل: إذا كنت في غرفة ليس فيها أحد سوى امرأة غير محرمة، فهل تزني أم لا؟

    المرحوم المقدس لم يجب لا، إنما أجاب ادعو الله أن يبعدني عن مثل هذا الموقف.من هذه العبارة نستفيد أنّ النفس الامارة لا تفرق بين الشاب والمسن، والرجل والمرأة والمقدس وغير المقدس، ويجب على الجميع الحذر منها لأنها معنا في حالة حرب بشكل دائم.

    الرواية المنقولة عن موسى بن جعفر (ع) ان النبي الأكرم (ص) أرسل مجموعة إلى الحرب، وعندما عادوا قال: مرحباً بمن اجتازوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قالوا وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس. ثم قال:

    (أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه).

    يعني أعلى مراتب الجهاد جهاد النفس.

    نعم الحرب مع النفس الأمارة حرب كبيرة، وهذه الحرب قائمة بيننا دائماً، بُعدنا الملكوتي وبُعدنا الناسوتي في هذه الحرب دائماً، وبحسب العادة فإن هذه النفس الامارة والهوى والهوس كلها على الإنسان.

    الغفلة عن النفس الأمارة وعن لحظة من الهوس تستتبع الندم طيلة العمر، نصف ساعة أو ربع ساعة، أو ساعة من الخلوة بين الرجل والمرأة في بيت ما تستتبع عمراً من الفضيحة وعمراً من الندم وعمراً من الخيبة.

    ـ العدو الثالث: الدنيا:

    عدونا الثالث هو الدنيا، والدنيا عدو عجيب للإنسان، القرآن الشريف في آيات كثيرة ينبه الإنسان أن يكون على حذر من لمعانها وبريقها، أن ينتبه من الوقوع بمكرها وخداعها، لأن الآخرة لا تجتمع مع الدنيا الحرام.

    (يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور)(6).

    أيها الناس احترسوا من العدوين الشرسين، الأول الدنيا فلا تقعوا بمكرها والآخر الشيطان، ان الدنيا الحرام والآخرة لا يجتمعان.

    أحد أعمال البهلول أن عموداً كبيراً سقط في وسط الطريق فأمسكه من طرفه ورفعه فبقي الطرف الآخر على الأرض. فرفعه من طرفه الآخر فبقي هذا الطرف على الأرض، فأمسكه من الوسط فلم يتمكن من رفعه، فقيل له ماذا تفعل يا بهلول فأجاب هذه الدنيا والآخرة فإن أخذت طرف الدنيا بقيت الآخرة على الأرض، وإن أخذت طرف الآخرة بقيت الدنيا على الأرض، وعندما أردت حمل الاثنين معاً فلم أستطع ذلك، يعني أن الدنيا الحرام الملوثة لا تجتمع مع الآخرة.

    (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين)(7).

    الدار الآخرة خاصة بمن لا يطلبون الرئاسة والعلو، خاصة بمن لا يعبدون الدنيا، ومن الواضح أنّ عبادة الدنيا تهدم دار آخرة الإنسان.

    تنقل قضية لمرجع التقليد الكبير ـ المرحوم الشيخ محمد تقي الشيرازي ـ رضوان الله عليه ـ كان كثير التحقيق وفي مرتبة عالية من جهة العمل والتقوى وبناء النفس.

    وعندما توفي المرحوم الميرزا الكبير (ره)، كان من المسلم ان المرجعية له، ولكن عندما أرادوا الصلاة على جنازة المرحوم الميرزا الكبير، لم يجدوا الشيخ الشيرازي، فبحثوا عنه هنا وهناك وأخيراً عثروا عليه في السرداب المطهر وقد تورمت عيناه المباركتين من كثرة البكاء، وتحدث بعد ذلك فقال: عندما وصلني خبر وفاة الميرزا الكبير قلت لنفسي:

    (أصبحت رئيساً) وشعرت بارتياح لذلك، ففهمت أني لا أليق بالمرجعية، وفهمت أنّ هذه المرجعية لأجل الدنيا لذلك جئت لزيارة الإمام صاحب الزمان (عج) واقسمت عليه بأمه الزهراء (ع) ان لا أكون مرجعاً لأني لا أليق لذلك.

    (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين)(8).

    الدنيا تمكر، الدنيا تشغل الإنسان، وإذا غرق الإنسان في الدنيا لا سمح الله، كمن يغوص في أوحال الذل والضعف، ويغوص أكثر لحظة بعد أخرى حتى يصل أخيراً لحظة الموت، كدودة القز تلف الخيط حولها حتى تختنق.

    إذا تعلق الإنسان بالدنيا، إذا اتسعت غفلته عن هذا العدو. فضياع الإنسان أمر مسلّّم، وتنبيه القرآن المتكرر ينبىء بأنها عدو كبير.

    لذا فأول شيء تجلبه الغفلة هو أن ننسى أعداءنا. عدو كالدنيا وعدو كالنفس الأمارة، وعدو كالشيطان أعداء كهذه تستدعي الحذر والانتباه يلزمنا الانتباه إلى هؤلاء الأعداء الثلاثة. وهؤلاء الأعداء معنا حتى نموت.

    فأما أن نتغلب على هؤلاء بالانتباه والارتباط بالله والتوسل بأهل البيت (ع).

    أو أن يتبغلبوا بالغفلة، علينا ونكون من أهل النار
    .
    يتبع
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:07 am


    الدرس الثالث
    2 ـ الغفلة عن العمر:


    الغفلة الثانية التي تسبب الخيبة، هي الغفلة عن العمر. العمر نعمة غالية بشكل استثنائي، ولا توجد نعمة أرقى منها بعد نعمة الولاية.

    المثل المشهور بين عامة الناس ان العمر كالذهب.

    ولكن هنا خطأ، وهذا التشبيه اشتباه، العمر ليس ذهباً بل هو أكثر قيمة من الذهب، إذا التفت الإنسان إلى العمر والشباب لاستطاع في شبابه أن يؤمن سعادة الدنيا والآخرة.

    نحن كثيراً ما نجد أشخاصاً لم يمض من أعمارهم أربعون أو خمسون سنة لكنهم أصبحوا من المفاخر بسبب التفاتهم لأعمارهم فمنهم من كتب أكثر من مائتي كتاب لترويج الإسلام والتشيع وفقه التشيع.

    وعلى عكس هؤلاء نجد كثيراً من الأشخاص عمّروا مائة سنة، ولكنهم أتوا كحيوان، واكلوا كحيوان، وذهبوا من الدنيا كحيوان لا غير.

    أو كما تقول الرواية جاء كحجر وعاد إلى مكانه في جهنم رويداً رويداً، كإنسان عاش سبعين عاماً وعندما مات ذهب مباشرة إلى جهنم.

    (إن المنافقين في الدّرك الأسفل مِنَ النار)(9).

    هنا سوء الحظ لغفلة الناس ونومهم عن أعمارهم، كما قال النبي الأكرم (ص):

    (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا).

    الناس نيام ولا يستيقظون من نومهم إلا عندما يرون عزرائيل حاضراً.

    يقول القرآن الكريم عندما يأتي عزرائيل يرى الإنسان كيف غفل عن عمره ولم يستفد منه، وقد فات الأوان، ولا يمكنه عمل شيء فيقول عندها: إلهي أرجعني لعلي أعمل لقبري ومحشري، لعلي أصير إنساناً.

    (رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا)(10).

    لحظة الموت يرى انه لم يعمل شيئاً وقد انقضى عمره بالغفلة فيقول: إلهي ارجعني، فيقال له إنّ الرجوع محال.

    يقول القرآن الكريم: إن هذه الاستغاثة لا تصدر فقط لحظة الموت بل عندما يذهب إلى جهنم، يقول هنا بحسرة وأنين إلهي ارجعني لأعمل لآخرتي، فلا يسمع سوى جواب النفي والرفض.

    (وهم يَصْطرَخُون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كُنا نَعَمُل)(11).

    يعني أن أهل جهنم يئنون ويتأوهون فيها وبعض كلامهم: ربنا ارجعنا إلى الدنيا لكي نعمل صالحاً، فيقال لهم: ألم نعطك سبعين عاماً من العمر، فماذا فعلت؟ ألم يكن لك شباب وشيخوخة؟ بأي عمل أفنيت شبابك؟ بأي شكل أمضيت شيبتك؟.

    (أولم نعمركم ما يتذكر فيه مَن تذكر وما جاءكُمُ النذَّيُر فَذُوُقوا فما للظالمِيِن من نصيرٍ)(12).

    ألم نعطكم من العمر ما يكفي لكي تتذكروا، فلا تسمعون سوى جواب القهر الإلهي (فذوقوا) وتجرعوا هذا العذاب في جهنم فإن الظالم ليس له نصير.

    ولكن هذا الظالم ظلم من؟ لقد ظلم نفسه، ولماذا ظلم نفسه؟ لأنه كان بوسعه وفي خمسين عاماً من العمر، أو ستين عاماً أو سبعين عاماً، أن يدرك سعادة الدنيا والآخرة.

    وكان باستطاعته أن يسعد الآخرين، ولو استثمر عمره لاستطاع أن يكون مفخرة من المفاخر.

    إنّ الغفلة عن العمر والغفلة عن الشباب تسبب ذهاب الشباب هدراً.

    العمر والشباب نعمة من العلو والعظمة إلى درجة أنه جاء في الرواية أن أهل المحشر عندما يردون صفوفه، يجري استجوابهم قبل الحساب والكتاب فيسألون عن أمرين: الأول عن العمر والثاني عن الشباب(13).

    على الجميع وخاصة أعزائي الشباب من البنين والبنات أن ينتبهوا إلى العمر وينتبهوا إلى الشباب، فالعبادة في الشباب عصا الشيخوخة، فانتبهوا إلى الشباب، وبوسعكم خلق السعادة مادمتم شباباً.

    أما إذا تجاوزتم الأربعين فقد عجزتم، فلا تستطيعون فعل شيء إذا لم تكونوا قد ادخرتم شيئاً لتأمين السعادة.

    انتبهوا لكي لا يذهب الشباب هدراً، انتبهوا أن لا يتلف الشباب بالبطالة والشهوة والأعمال التافهة.

    الكل والجميع الرجال المسنون والنساء المسنات انتبهوا إلى العمر.

    يستطيع الإنسان تأمين سعادة الدنيا والآخرة في يوم واحد، ولكن الغفلة عن العمر وعن هذه النعمة الكبيرة تسقط الإنسان وعلى قول القرآن الكريم: يصل الإنسان إلى مستوى الحيوان بل أحقر من ذلك.

    3 ـ الغفلة عن القابليات:


    الغفلة الثالثة والموضع الذي يركز عليه القرآن هو الغفلة عن ملكات الإنسان، هذا الإنسان موجود عجيب وكما يعبر القرآن فالإنسان (أمين الله)، وهذا الأمين الالهي يستطيع التصرف بقابلياته حتى يصل المقام الراقي، لكنه مع الأسف لا يستفيد من هذه القابليات. يقول تعالى في آية الأمانة:

    (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوماً جهولاً)(14).

    نحن عرضنا الأمانة على عالم المخلوقات، ولكنها لم تكن تمتلك مؤهلات القبول هذا الإنسان فقط كان لديه القدرة والقابلية وقد قبل الأمانة.

    ولكن القرآن يقول: (إنه كان ظلوماً جَهُولا).

    هذا الإنسان ظالم جداً لنفسه وجاهل جداً بنفسه فهو جاهل لأن الغفلة لا تدعه يلتفت لقدراته والغفلة لا تدعه يستفيد من ملكاته.

    وهو ظالم لنفسه لأنه يذهب قابلياته هدراً كما يذهب الماء الكثير هدراً ولا يستفيد منه أحد.

    فالإنسان ظالم وجاهل.

    وقد تجد شخصاً جائعاً رغم كونه يملك أرضاً واسعة ولديه ماء وافر. يقول أمير المؤمنين (ع):

    (من وجد ماء وتراباً ثم افتقر فابعده الله)(15)

    إن الذي لديه أرض ولديه ماء ومازال فقيراً فذلك بعيد عن رحمة الله، فرداً كان أو أمة.

    نحن لدينا طاقات واستعدادات كامنة ويجب الاستفادة منها.

    وإذا لم نستفد منها وفرطنا فيها فسوف تلحقنا لعنة الله والنبي (ص) والأئمة الطاهرين (ع).

    4 ـ الغفلة عن الموت:


    غفلة الإنسان الرابعة هي الغفلة عن الموت، كلنا نعلم بأننا سوف نموت، ولكننا نغفل عن هذا الموت ونغفل عن القبر ونغفل عن القيامة ونغفل عن جهنم ونغفل عن الجنة.

    هذه الغفلة جعلتنا عاجزين، فيجب على الإنسان في كل يوم أن يغور في أعماق نفسه مرة أو مرتين أو ثلاث مرات، ليفكر بالموت.

    أنا وأنتم هل سنتمكن من الخروج من هذا المكان أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    هل سأتمكن أنا من النزول عن المنبر أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    هل هذه الليلة أول ليلة قبرنا أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    كلنا جميعاً غافلون عن الموت، لو نزل الموت فهل ستكون أول ليلة في القبر. ليلة راحة لنا أم ليلة شدة علينا؟.

    أمر القبر صعب وصعب جداً.

    ورد في الرواية أنّ شخصاً دفن، وعندما وصل النبي الأكرم (ص) كان التراب قد أهيل على القبر، فوضع النبي يده على القبر وقرأ الفاتحة وبكى حتى ابتل تراب القبر من دموع عينيه المباركتين، ثم قال:

    (يجب التفكير بهذا المكان، يجب العمل. لا يتم الأمر بلا عمل).

    جاء في الروايات: أنّ القبر ينادينا كل يوم، ولكننا أصماء في عالم الفتنة هذا، ولو كانت الأذن صاغية لسمعت نداء القبر كل يوم، فهو ينادي أنا بيت الظلمة فابعثوا لي بالنور أنا بيت الوحشة فابعثوا لي بأنيس، أنا بيت العقارب والحيات ولقد استحالت أعمالك السيئة عقارب وحيات فابعث شيئاً يعني توبة وإنابة تقتل العقارب والحيات، أنا بلا فراش فابعثوا لي بفراش، فالقبر ينادينا بشكل متواصل.

    انتبه ستكون في بطني ففكر لهذا البيت واعمر هذا البيت(16).

    هناك ما هو أشد إيلاماً من كوننا مشغولين بإعمار بيتنا الدنيوي وتزيينه وتنظيفه وتحسين أثاثه وترتيبه وغافلين عما سيحدث فيما لو كانت هذه الليلة هي ليلتنا الأولى في القبر؟

    عالم البرزخ هل هو سنة واحدة أم مليون سنة؟ أم عشرة ملايين سنة أم مليار سنة؟ لا نعلم من ذلك شيئاً.

    عالم البرزخ هذا يتطلب منا العمل.

    الإمام الصادق (ع) يخبر الشيعة أن عالم البرزخ في عهدتكم فشفاعتهم ستنال الشيعة ولكنه يخاف عليهم من البرزخ حيث قال:

    (أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ قلت: وما البرزخ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة)(17).

    ماذا أعددت لهذه سنة أو أكثر، يوم القيامة يوم صعب، يوم القيامة وكما يشير القرآن يود الإنسان أن يعطي كل شيء ويفدي نفسه بكل شيء لينجو ولكن لا ينفعه ذلك.

    القرآن الكريم يعرض حالة الإنسان يوم القيامة وكيف يكون حاله ومصيره فيقول:

    (يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه * كلا...)(18).

    يقول الإنسان يوم القيامة، إلهي ابنتي وزوجتي وأخي وعشيرتي وكل فرد على الأرض فداء لنجاتي، يعني إلهي ليذهب الجميع إلى جهنم ولكن اطلقني.

    فيأتيه الجواب كلا لن يكون ذلك، أنت وعملك.

    إن كان عملك حسناً فالسعادة وان كان عملك سيئاً فالشقاء والتعاسة يوم القيامة يوم مشقة، احياناً يغرق الإنسان في غرفة بسبب الفضيحة حتى يسيل العرق إلى ذقنه.

    فلا تغفل عن يوم القيامة ولا تغفل عن جهنم وعذابها ولا تغفل عن الجنة وعن النعم التي فيها.

    ورد في الروايات أنّ من حسرات أهل النار أنهم ينظرون إلى الجنة أثناء رواحهم إلى جهنم فيرون قصراً في الجنة ليس له صاحب وفيه حور عين بلا زوج وفيه حديقة بلا مالك، فصاحبها يجب أن يحترق في جهنم وهذا قصره وحوريته وحديقته بلا صاحب.



    الهوامش:

    (1) سورة الأعراف: الآية: 179.

    (2) سورة النحل، الآية: 108.

    (3) سورة ص، الآيتان: 82 و83.

    (4) سورة الأعراف، الآيتان: 16 و17.

    (5) سورة يوسف، الآية: 33.

    (6) سورة فاطر، الآية: 5.

    (7) سورة القصص، الآية: 83.

    (8) سورة القصص، الآية: 83.

    (9) سورة النساء، الآية: 145.

    (10) سورة المؤمنون، الآيتان: 99 و100.

    (11) سورة فاطر، الآية: 37.

    (12) سورة فاطر الآية: 37.

    (13) قال رسول الله (ص): لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما افناه وشبابه فيما ابلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما انفقه، وعن حبنا أهل البيت. بحار الأنوار، ج7 ص258.

    (14) سورة الأحزاب، الآية: 72.

    (15) بحار الأنوار، ج103 ص65.

    (16) بحار الأنوار، ج6 ص267. (عن أبي عبد الله (ع) قال: إن للقبر كلاماً في كل يوم يقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود أنا القبر أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار).

    (17) بحار الأنوار، ج6 ص267.

    (18) سورة المعارج، الآيات: 11 ـ 15.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:08 am

    الدرس الرابع
    فضيلة اليقين


    كان البحث بخصوص الفضائل والرذائل الأخلاقية، وقد بحثنا فضيلة التأمل والتفكر كما تكلمنا حول بحث رذيلة الغفلة المضادة لفضيلة التفكر والتأمل بصورة مختصرة وأشرنا إجمالاً إلى ما الذي يجب ان نفعله لكي لا نغفل، وكيف نديم التفكر والتأمل حياً في نفوسنا.

    ـ تعريف اليقين:


    بحث اليوم حول فضيلة أخرى لا تقل أهمية عن فضيلة التأمل والتفكر وهي فضيلة اليقين، واليقين نظير العلم ولكن العلم يرتبط بالعقل أما اليقين فيرتبط بالقلب والنفس. الشيء الذي يرسخ بالعقل يقال له علم، بينما إذا رسخ الشيء في القلب ورسخ في النفس بالإضافة إلى رسوخه في العقل يقال له يقين. اليقين يعني الثبات، فإذا ثبت المعلوم في القلب.

    ـ أو حسب قول استاذنا الكبير مؤسس الجمهورية الإسلامية حضرة الإمام (رضوان الله عليه)، إذا صدق القلب ـ يسمى ذلك باليقين.

    يعني أحياناً يصدق العقل بشيء فيقال لذلك علم، ولكن أحياناً أرقى من ذلك حيث يحدث ثبات ورسوخ في القلب فيصدق القلب وعندما يصدق القلب يقال لذلك التصديق يقين.

    اليقين من الفضائل الكبيرة للإنسان، ولذلك عندما يشرع علماء الأخلاق ببحث الفضائل والرذائل فيعدون اليقين من أول الفضائل.

    نحن ذكرنا فضيلة التفكر والتأمل كأول فضيلة، ولكن صفة اليقين إذا لم تكن أعلى من التفكر والتأمل فهي لا تقل عنها.

    اليقين الذي أتحدث عنه معكم الآن يرتبط بالدين، وليس اليقين الذي يرتبط بالعلوم الطبيعية أو العلوم غير الدينية، إذ ذلك موضوع له بحث مستقل وليس موضوع بحثنا الآن.

    فموضوع بحثنا إذن هو اليقين المرتبط بالدين، يعني حصول اليقين بأن الله موجود، حصول اليقين بوجود المعاد والقبر والبرزخ والقيامة والجنة والنار.

    أن يحصل لنا يقين بأن الله عادل وان الله جواد وكريم وان الله عالم وقادر وأن الله رؤوف رحيم.

    وأن يكون لنا يقين أنّ القرآن حق والنبي الأكرم (ع) خاتم الأنبياء ويكون لنا يقين أن أمير المؤمنين وأبناءه الأحد عشر (ع) خلفاء واوصياء بعهد النبي الأكرم.

    يكون لنا يقين بأن ما يقوله النبي الأكرم (ص) ملزم، فإذا قال (افعل) ففي الأمر مصلحة. وان قال (لا تفعل) ففي الأمر مفسدة ويطلق اليقين الديني على كل ما سبق.

    يمكن تصور ثلاث حالات لليقين الديني اللازم للإنسان على أساس الأمور السابقة.

    أنواع الإيمان


    1 ـ الإيمان التقليدي:

    القسم الأول علم، ولكنه علم بلا استدلال، علم بلا برهان. وهو العلم والمعرفة التي يفهمُ الإسلام بها عامةُ الناس. يعني العلم التقليدي. ومن الناحية الشرعية هذا العلم يوصل الإنسان إلى الجنة إذا تحرك وسلك على أساسه.

    يأتي بالواجبات في محلها ويترك المحرمات، ويغادر هذه الدنيا وهو مرتبط بالله فيكون من أهل الجنة.

    وحسب تعبير العلماء فإن (نتيجة البرهان) موجودة لدى هؤلاء.

    تسعة وتسعون بالمائة من الناس لا يستطيعون الاستدلال على أصول الدين ولكنهم يعلمون بأصول الدين، ويكفي لهم هذا المقدار، ولكن هذا العلم لم يترسخ بالقلب ولا بالعقل وطبق ذلك ليس لديهم برهان واستدلال.

    هذا العلم يمكن أن يوصل الإنسان إلى الجنة، لكنه محدود المجال فهو يعجز عن التأثير في الطريق المسدود أو في الحالات الاستثنائية. أو حين تطغى إحدى الغرائز فهو يعجز عن الوقوف بوجهها، ولا يستطيع المقاومة إذا واجهته مشكلة.

    فقد يتعثر صاحبه وقد يكفر بعض الأوقات ويسيء الظن بالله أيضاً، ولهذا أشار القرآن الكريم بقوله:

    (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)(1).

    الكثير من الناس إيمانهم إيمان لقلقة لسان (يعبد الله على حرف) وقد وصف الإمام الحسين (ع) ذلك الإيمان بأنه مجرد لقلقة لسان. لم يرسخ في العقل والقلب.

    لقد أسميت هذا النوع من الإيمان (الإيمان التقليدي) والقرآن الكريم يقول: (الإيمان الحرفي) ومن المعلوم أنّ أخلاق القرآن هو الأفضل.

    القرآن الكريم وصف اصحاب هذا الإيمان بأنهم ضعفاء يسقطون عندما يتعرضون لشدة أو حالة استثنائية، ويحمل هذا النوع من الإيمان حوالي خمسة وتسعين بالمائة أو أكثر من الناس.

    فإذا حصلت لهم نعمة وكانوا يعيشون برفاه وراحة فانهم يتعلقون بذلك الرفاه وتلك الراحة ويتعلقون بالدنيا. أما إذا حلت بهم مشكلة فانهم ينهارون وإذا نزلت بهم مصيبة فلا يستطيعون الصبر والمقاومة.

    عندما يمشي الإنسان فقد يعثر بحجر ويسقط على وجهه على الأرض.

    يقول القرآن الكريم هذا التشبيه المعقول محسوس ـ عندما تنزل به شدة يسقط ويكفر ويسيء الظن بالله ويشك ويتخيل. وقد يتصدق بلا إتزان يقول: (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين).

    فقد أفلتت من يده الدنيا والآخرة وهذا هو الإفلاس الواضح. من هذه الآية يستفاد شيء آخر ينفع أعزائي الشباب عن البنين والبنات هذه الفائدة هي:

    أيها المسلم لا ينبغي أن يكون إيمانك إيمان لقلقة لسان.

    أيها المسلم لا ينبغي أن يكون إيمانك إيمان تقليد.

    بل يجب أن يترسخ إيمانك في عقلك مع الدليل.

    يجب أن يترسخ إيمانك في قلبك ليكون يقيناً.

    الإيمان الحرفي لأولئك الذين ليس لديهم علم ومعرفة أصلاً أو أنهم غير مسلمين.

    أما الشباب فلا يحق لهم ان يكون إيمانهم لقلقة.

    فإذا سئلت فتاة تخرج من الثانوية عن الدليل على أن (الله موجود) فيجب أن تأتي بدليل مقنع فوراً.

    وإذا سئل شاب تخرج من الثانوية ما هو دليلك على أن القرآن معجزة إلى يوم القيامة؟ يجب أن يأتي بدليل فوراً. وكذلك حول أصول الدين ويجب على الجميع وخاصة الشباب أن يتجاوزوا إيمان التقليد ليصلوا إلى القسم الثاني وإلى القسم الثالث من الإيمان.



    2 ـ الإيمان الاستدلالي:

    الإيمان الاستدلالي هو القسم الثاني وهو أكثر أهمية من القسم الأول. وهو الإيمان الذي ترسخ في العقل، حيث يصدق العقل ان الله موجود ويصدق العقل ان المعاد موجود ويصدق العقل ان في صوم شهر رمضان المبارك مصلحة تامة ملزمة، وان هناك مصلحة تامة ملزمة في الصلاة الواجبة، وان صلاة الليل ترفع الإنسان مقاماً عالياً، يصدق العقل ان الحجاب في الإسلام أمر حسن ان اللامبالاة بالحجاب واللاعفة شيء سيئ للرجل والمرأة.

    هذا الإيمان يحتاج إلى البرهان، يعني مثلاً ان برهان النظام يثبت لنا ان الله موجود، والحركة الجوهرية للمحروم صدر المتألهين تثبت المعاد الجسماني، وكذلك كتب الكلام الكثيرة التي ألفها كبار الحوزة العلمية في قم حول هذا الموضوع تثبت لنا أن أصول الدين تقوم على البرهان، وان كل أصل منها له دليل.

    إذا طالع أحد كتب ـ الكلام مدة من الزمن سوف يترسخ الإيمان في عقله قطعاً، أي سوف يصدق العقل بأصول الدين، ويصدق العقل بأن واجبات القرآن ومحرماته ذات مصلحة وذات مفسدة، يصدق العقل ان القرآن كلام الله وانه قادر على إدارة شؤون المجتمع البشري حتى يوم القيامة.

    نحن المسلمون ندعي أنه كما ترقى العلم أكثر، وكلما صار الناس أكثر تنوراً وكلما اتجه المجتمع نحو الكمال أكثر، فإن القرآن وقوانين الإسلام تصبح قادرة على إدارة المجتمع بشكل أفضل.

    يجب أن يكون هذا الادعاء مقروناً بالدليل، وذلك مطلوب من الجميع وخاصة الشباب، أعزائي الشباب! يجب عليكم جميعاً مطالعة الكتب الدينية أوصي الآباء والأمهات بلزوم اقتناء الكتب الدينية في البيوت.

    ينبغي أن يوجد في بيوتكم رسالة عملية لمرجع التقليد، وكذلك القرآن وكتب الأخلاق والكتب المتعلقة بالمعارف الإسلامية.

    ولا يمكن القول لبيت ما انه بيت مسلم إذا خلا من كتب المعارف الإسلامية وكتب الأخلاق والتفسير وكتب أصول الدين ورسالة مرجع التقليد. كما ولا يمكن ان يسمى ذلك البيت أنه بيت شيعي.

    الشيعة هم المطالعون، والمسلمون يجب أن يتقدموا بشعار "تفكر ساعة خير من عبادة سنة".

    فعندما يدخلون صالة الاستقبال في أحد بيوتكم يرون الشعار السابق وقد كتب بخط جميل، وقد تزين له البيت. وكما تزين بالورد والمزهريات وأمثالها، فكذلك يجب أن تزين غرف بيوتكم بالكتب الدينية هذا واجب كل مسلم وواجب الشباب خاصة.

    يجب أن يطالع الشباب وقت الفراغ، والتفنن في المطالعة يخلق التسلية والمتعة للشباب.

    يجب أن تتوفر المكتبات، ولكن مع الأسف قلة المكتبات من جوانب النقص عندنا. حتى في قم فضلاً عن غيرها. يجب ان تتوفر المكتبات في كل مدينة وكل حي وكل قرية وريف.

    الإيمان الاستدلالي حسن، ومجاله لا ينتهي إلى طريق مسدود كما في القسم الأول. أي أن صاحب هذا الإيمان يستطيع وبالبرهان إثبات وجود الله والمعاد. ويمكنه بالدليل إثبات القرآن والنبوة والإمامة.

    ولكن هذا الفرد إذا وقع في مشكلة، كأن عصفت به غريزة الجنس او عصفت به غريزة حب الرئاسة، وحب المال، فانه سوف يهزم لأن الغريزة أقوى من العلم.

    أسمينا الأول أيمان اللقلقة أو إيمان التقليد، ونسمي هذا إيمان الاستدلال والعلم، والعلم يعني البرهان والدليل، ولكن مجال البرهان والاستدلال محدود. أي ان العالم قد يقف أحياناً في الطريق المسدود.

    قد تحصل مشكلة للإنسان العالم وحتى لو كان قد كتب كتاباً في التوحيد فلا يستطيع ان يصبر عليها أخيراً قد يكفر بسببها وينشد الشعر الثاني.


    وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
    وصير العالم النحرير زنديقا



    كم عاقل عاقل اعيت مذاهبه
    هذا الذي ترك الأوهام حائرة



    يقول: قد يحار الإنسان، إن العاقل يعجز في مسعاه، ولكن الجاهل يجتاز وضعه الصعب. وهذا الأمر قد يسبب أحياناً كفر العالم لا شك أن العلم فقط والاستدلال فقط افضل من لا شيء طبعاً ولكن العلم والاستدلال وحده لا ينفع لكل مجال.

    اشكال آخر يرد على العلم انه يتقبل الشك والشبهة والوهم. العالم يفهم ان الله موجود ولكن قد تعترضه شبهات، يعلم ان المعاد موجود ولكن قد تعتريه الشكوك.

    أي ان العلم ينطوي دائماً على نقطة الجهل السوداء.



    3 ـ اليقين:

    القسم الثالث هو اليقين، واليقين هو الذي تجاوز إيمان اللقلقة وإيمان التقليد وبلغ مرحلة الإيمان الاستدلالي وكذلك تجاوز التصديق العقلي وصدق القلب، يعني أن الإيمان ترسخ في القلب والقلب هو الذي صدق. وهذا يسمى بـ (اليقين).

    اليقين يعني الثبات، يعني الرسوخ في القلب. أي أن القلب قد صدق. وعندما يصدق القلب فمن نتائجه الأولى تلك الهيمنة الفعالة. تتولد عند الإنسان قوة إرادة وسيطرة تقف أمام الذنب وتحول دون الذنب وتمنعه من الذنب، يرتعش من الذنب عند الاقتراب منه كشجر الصفصاف.

    كان من عادة النبي الأكرم (ص) عندما يريد الذهاب إلى حرب، يضع في المدينة عدداً من الشباب لإدارة شؤون عوائل المقاتلين. وفي إحدى الحروب كان أحد الشباب يتولى متابعة حوائج عدد من البيوت.

    وعند الصباح طرق الشاب باب إحدى تلك البيوت. حيث كانت صاحبته امرأة قد خرج زوجها إلى الجهاد، وقفت المرأة خلف الباب فسألها الرجل هل تحتاجين شيئاً؟ فذكرت ما تحتاجه.

    لست أدري ما الذي حصل، لقد تحركت شهوة ذلك الشاب، ولكن لماذا؟ لا أعلم. فهل قالت المرأة كلاماً مغرياً أم وقعت عليها عين الرجل؟ لا أعلم.

    (أيها السادة أيتها السيدات أوصيكم أن تعلموا ان الشيطان ينشط كثيراً عندما يحصل الاحتكاك والتعامل بينكم، الشيطان قال لحضرة نوح (ع)، يا نوح اعلم انه عندما تمس امرأة، وعندما تتقابل امرأة مع رجل أجنبي، فإني أنشط هناك. اعلمي أيتها السيدة ان كلامك المثير للشهوة واعلم أيها السيد ان سوء نظراتك قد تجر إلى عواقب سيئة).

    وأخيراً فإن ذلك الرجل دخل البيت ووضع يده على صدر المرأة.

    وهنا ما أريده، مرادي هو يقين المرأة، ذلك اليقين الذي كان راسخاً في القلب، وكانت مصدقة بوجود الله ووجود الجنة ووجود النار.

    ارتعدت فجأة وتغير لونها ونطقت بالشكل الذي يخرج فيه الكلام من القلب ويستقر في القلب: ماذا تفعل؟ النار! النار! النار! هذا العمل نار، نار جهنم.

    استقر نداء المرأة في قلبه الذي كان يصدق أيضاً بالله والجنة وجهنم، ويصدق ان اليد التي تمس صدر امرأة أجنبية ولا تتوب فهي من أهل جهنم.

    فصاح فجأة النار! النار! النار! مضى اليوم الأول والثاني وشيئاً فشيئاً لم يعد يستطيع البقاء في المدينة فذهب إلى الصحراء حتى يعود النبي.

    أخذ يتعبد ويتروض هناك وكان يكرر قول النار! النار! بشكل مستمر حتى عاد النبي الأكرم (ص) إلى المدينة، وأخبروه الخبر، أرسل النبي في طلبه فأحضروه وقال له قبلت توبتك لكن الأمر الذي كان شاقاً عليه هو أن يلتقي بالنبي (ص) وجهاً لوجه.

    أيها الرجال والنساء، ان مجلسنا هذا الآن هو في عين الله، وبعين النبي (ص) وبنظر صاحب الزمان (ع).

    اعلم أيها السيد أن نظرات السوء في متجرك، اعلمي أيتها السيدة أن وجهك المكشوف، وسفورك، وحجابك الناقص في الطريق، هو تحت نظر صاحب الزمان (ع)، وبمرأى منه فانظر هل أن صاحب الزمان عن فعلك راضٍ أم لا؟ انظر هل هو راض عن هذا الكلام. أم لا؟

    عندما جاء ذلك الشاب، كان النبي الأكرم (ص) مشغولاً بالصلاة، انتظر الشاب، وبعد الصلاة صعد النبي المنبر، فأطرق الشاب برأسه خجلاً، وشرع النبي (ص) يقرأ سورة التكاثر.

    (بسم الله الرحمن الرحيم * ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين * ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).

    وفي باب الاتفاق ان هذه السورة تتحدث عن اليقين أيضاً.

    قالت: الدنيا اشغلت الناس، ليت الناس يتيقنون ويعلمون بجهنم يعلمون انهم يلاقون الناس يوم القيامة ويرونها، ليتهم يعلمون ان الذنب يدخلهم جهنم، وسوف يسأل في جهنم، أيها السيد أنت من المتولين وكنت بمرأى من صاحب الزمان (ع) ولكن ورغم ذاك ترتكب الذنوب؟.

    النبي الأكرم (ص) كان منشغلاً بقراءة السورة والشاب غارقاً في التفكير فصاح فجأة وأغمي عليه وسقط على الأرض أحاطوا به، فوجدوه قد مات من الخجل. هذا يسمى يقين، إنما هو المرتبة الأولى لليقين أيضاً.

    عندما يحصل اليقين لدى الإنسان، فلو ان امرأة مست يدها يد أجنبي تتألم وترتعش إلى الليل، ولو سئلت لماذا أنت مضطربة؟ لأجابت أردت أن آخذ سلعة من البائع في المتجر، فمست يدي يده، فيقال لها لم تكوني عامدة فلا إثم عليك. فتقول نعم ولكن يد أجنبي مست يدي وتتأوه من ذلك. هذا يسمى يقين.

    المرأة غير المؤمنة، أو التي يكون إيمانها لقلقة لسان، تتحدث مع البائع في دكانه وتمازحه. وعند شراء الملابس قد تقف مقابل المرآة تتفحص وتقوم بذلك أمام البائع، يقال لمثل هذه مسلمة لقلقة بينما يقال لتلك مسلمة رسخ الإيمان في قلبها.

    الهوامش

    (1) سورة الحج، الآية: 11.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:10 am

    الدرس الخامس
    فضيلة اليقين


    ذكرنا في المحاضرة السابقة ان الإيمان بأصول الدين ينقسم إلى ثلاثة أنواع:

    1 ـ ايمان اللقلقة أو التقليد.

    2 ـ ايمان الاستدلال أو العقل.

    3 ـ ايمان العاطفة أو القلب.

    وذكرنا ان الإيمان القلبي هو القوة التي تسيطر على سلوك الإنسان وليس الإيمان العقلي ولا الايمان القولي، وان كان الإيمان الاستدلالي على درجة رفيعة وهو اللائق والمناسب للجميع وخاصة الشباب.

    ورد في الرواية ان النبي (ص) اجتاز مع أصحابه على امرأة عجوز كانت منهمكة بتدوير مغزلها، فسألها النبي الاكرم (ص) بأي دليل عرفت الله! مما يدل على أن النبي يريد الدليل من تلك المرأة الأمية يريد الإيمان الاستدلالي.

    وقد أجابت المرأة العجوز جواباً حسناً فقالت ان مغزلي هذا يحتاج إلى يدي حتى يدور، وإذا لم تكن يدي فسوف يقف عن الدوران، ترى أفعالي بهذه السعة لا يحتاج إلى محرك.

    فقال النبي الأكرم (ص) (عليكم بدين العجائز).

    وهذا القول يدل على معنيين:

    الأول: يجب أن يكون إيمانكم استدلالياً.

    الثاني: إشارة إلى برهان ودليل الحركة، ولعله يعد أفضل دليل بعد دليل النظام ودليل الصديقين.

    ونحن نفهم على كل حال ان أي شخص يجب أن يستدل على أصول الدين بما يناسب حاله.

    وأن كان وكما أوضحنا سابقاً انه ذو مجال محدود لا يمكن الإنسان من اجتياز الصعاب، أو اشتداد الغرائز، أو النجاة عند الامتحان.

    كما قال الشاعر (الفارسي):


    وقدم الخشب ليس فيها استحكام
    قدم المستدلين من خشب


    لذا فإن الإيمان ينحصر بالايمان العاطفي، الإيمان القلبي ويفهم من القرآن انه هو الذي يريده الله منا.

    نقرأ في سورة الحجرات أن أشخاصاً جاؤوا لزيارة النبي (ص) وقالوا يا رسول الله لقد آمنا بك.

    فقال: لم تؤمنوا، ولكن بلغتم الإسلام، لأن إيمانكم إيمان لسان، وإيمان دليل، ولم يترسخ الإيمان في قلوبكم بعد.

    المؤمن من رسخ الإيمان في قلبه ولا تعتريه الشبهة والشك.

    (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)(1).

    قالوا: آمنا. قل: لم تؤمنوا، فقد اسلمتم ودخلتم حمى الإسلام لأن الإيمان لم يدخل إلى قلوبكم بعد.

    ثم قال: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا)(2) المؤمن من آمن قلبه وتيقن. وطالما لم يبلغ اليقين فان نقطة الجهل والشك قائمة. ولذا لم ينج أصحاب الإيمان العقلي الاستدلالي من الشبهات والجهل والأوهام والوسوسة.

    الايمان الذي ينفعنا والذي يريده الله منا ويريده القرآن منا هو الإيمان القلبي والإيمان اليقيني ولعل كلمة الحصر (إنّما) تشير لذلك.

    مراتب اليقين:

    اليقين على مراتب، اليقين يشبه النور، فكما النور على درجات، مصباح ذو عشرين شمعة ومصباح ذو آلف شمعة ومصباح أكثر، فكذلك اليقين.

    فعندما يشع في القلب ينير القلب لكن تارة كما يضيء المصباح ذو المئة شمعة غرفة واحدة، وأحياناً قد يصل مرتبة ينير فضاء القلب بشدة ـ كما يضيء المصباح ذو الألف شمعة غرفة واحدة.

    لذا يعرف الفلاسفة اليقين بأنه ذو تشكيك، يعني انه ذو درجات وكل مراتبه حسنة، والمرتبة التي نتحدث عنها هي المرتبة الأولى ومن المعلوم ان كلما علت المراتب كان أفضل.

    وعلماء الأخلاق يذكرون ثلاث مراتب لليقين:

    علم اليقين، عين اليقين، حق اليقين.

    وواضح أن كل مرتبة من هذه المراتب درجات، وهي خارج مجال بحثنا في الوقت الحاضر.

    المرتبة الأولى من اليقين، تدفع الإنسان إلى أن يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات صلاته في أول الوقت، وصيامه في محله، واجتناب الإثم بموقعه، وخلاصته أنه يهتم بفعل الواجبات وترك الذنوب بشكل تقائي.

    هذه هي المرتبة الأولى من اليقين، والتي هي المرتبة الأولى من الإيمان القلبي.

    أما في المرتبة اللاحقة فانه يهتم بالمستحبات وأدائها والمكروهات واجتنابها. ولا ينجر إلى مواطن الشك والشبهات وأمثالها.

    ومن المسلم به ان الشائعات لا تتردد على لسانه ولا يتكلم بلا دليل فإذا تحدث فمع البرهان وإذا استمع فمع البرهان، ولا يجري على لسانه ما انطوى على الشبهة.

    أما المرتبة الثالثة فيصل الإنسان فيها وبالتدريج إلى مقام يمكنه الادعاء فيه ان الدنيا لو كانت في طرف والذنب في طرف آخر لما قارف الذنب ولركل الدنيا بقدمه.

    وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة، وما ذكره الإمام (ع) لا يختص به فقط بل إذا بلغ إيمان الشيعة مرتبة عالية وبلغ مرتبة عين اليقين فيمكنهم إدعاء ذلك.

    يقول أمير المؤمنين (ع):

    (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته)(3).

    يقول (ع):

    أفسم بالله، لو اعطيت العالم وقيل لي أعص الله لما فعلت، حتى لو كانت تلك المعصية من الصغر إلى درجة ان أسلب حبة شعير من فم نملة وهذا القول ليس دليلاً على عصمة الإمام ولا على إمامته ولا يختص به ولا يختص بسائر المعصومين (ع) ولا يختص بالنبي (ع) وإنما هو قدوة لنا.

    يعني يجب أن يرتفع إيمانكم إلى مقام عالٍ، يجب أن تسعوا حتى ينور الإيمان قلوبكم وتبلغوا مرتبة رفيعة بحيث لو اعطيتم الدنيا قبال الذنب، فان يقينكم يحول دون ذلك، ويمكن ان تكون إرادتكم بذلك المستوى من القوة.

    والتاريخ والتجربة تسعفنا بالدليل على ذلك، كثيراً ما قرأنا في التاريخ وكثيراً ما شاهدنا من عظام وكبار استعدادهم للتضحية بالدنيا على أن لا يفوتهم صلاة ركعتين.



    ـ فضيلة صلاة الليل:

    هذه الرواية التي ينقلها المرحوم صاحب الوسائل في كتابه الشريف في فضيلة صلاة الليل عن النبي الأكرم (ص): (الركعتان في جوف الليل أحب إلي من الدنيا وما فيها)(4).

    قول النبي الأكرم (ص) يعني أنه لو أعطي الدنيا بتمامها على ان تفوته صلاة الليل ليلة ما لما فعل ذلك.

    هذه العبارة لا ترتبط بشخص النبي الأكرم (ص) وإنما ترتبط بدرجة اليقين الراسخ في قلبه، وبإمكان الشيعة الوصول إلى هذه الدرجة من اليقين بل يجب عليهم بلوغ ذلك.

    نحن نعرف أشخاصاً يضجون بالبكاء إذا ما فاتتهم صلاة الليل ليلة ما.

    ولا أنسى ذاك الشخص من أهل القلوب الذي ترك صلاة الليل في إحدى الليالي فأخذ في البكاء من الصباح حتى المساء لأنه لم يصلِ صلاة الليل البارحة، وقال لم أترك صلاة الليل منذ كنت في السادسة عشرة من العمر إلى الآن. نور الإيمان العاطفي، نور الإيمان العقلي، الذي أضاء قلوب هؤلاء هو الذي يحول دون الذنوب، ذلك النور يلجؤهم إلى أداء المستحبات، بل لعلهم يستمتعون بأداء المستحبات بما لا يعلم مداه أحد.

    يقول القرآن الكريم: أولئك الذين يقومون الليل، ويهجرون المضاجع أولئك الذين يبرون الفقراء ويصلون الضعفاء سيجزون بصلاتهم وانفاقهم جزاءً لا يدرك لذته أحد.

    (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)(5).

    ظاهر الآية انهم ينالون جزاء في الحياة الدنيا، يتلذذون في هذه الدنيا فعندما "يكبر" لصلاة الليل يشعرون بالسعادة كمن أعطاه الله خير الدنيا والآخرة.

    وهم على استعداد للتضحية بدنياهم من أجل راحة الآخرين ويشعرون بالمتعة بذلك الايثار.

    (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)(6).

    ومعنى الآية انهم يؤثرون الآخرين فيقدمون لهم الطعام والشراب رغم حاجتهم الماسة له.

    ويقال في سبب نزول هذه الآية انها نزلت بحق أمير المؤمنين (ع) أو انها نزلت بحق المقداد، أو أنها نزلت بحق أبي أيوب الأنصاري وربما تكون جميع هذه الأسباب صحيحة، والقصة كما يلي:



    ـ ايثار أبي أيوب الأنصاري:

    ان النبي الأكرم (ص) اجتاز طريقاً فشاهد أبا أيوب الأنصاري وقد بسط فراشه على الطريق وجلس مع زوجته وابنه وكان وجهه إلى الحائط وظهره إلى المارة، فسأله النبي (ص) يا ابا أيوب لماذا جلست هنا؟

    فقال يا رسول الله إن أحد المهاجرين قدم إلى هنا وليس له دار فرأيت أنه سيقيم في الطريق وفي ذلك ذل له ولنا، ويبعث ذلك على الخجل له ولنا، فإذا اسكنته بيتي واقمت أنا هنا فلا أخجل من ذلك لأني قد أعنته وفي ذلك افتخار لي.

    هذا هو: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).

    فانظروا كيف وصل المسلمون إلى حالة من الايثار يعطي أحدهم فيها بيته للآخر ويسكن على قارعة الطريق، كيف حصل ذلك؟ انه من أثر اليقين.

    عندما يترسخ اليقين في القلب، ويترسخ الإيمان في القلب فمن المعلوم أن المرء يشعر باللذة والمتعة عند الوقوف إلى الصلاة وعند الانفاق لحاجة الآخرين.

    عندما يعشق المال أحد فلو استفاد في أحد الأيام مليوناً وإذا كان بلا دين وقام بالاحتيال مليون مرة فكم سيفرح.

    وقد لا ينام من شدة الفرح والارتياح، وذلك لأن يقينه تعلق بالدنيا، وترسخ ظلامها في قلبه، ووصل به حب الدنيا إلى ذلك الحال.

    أما ذلك الذي تعلق حبه بالله وبالإسلام وتعلق حبه بأولياء الله، وقد رسخ الإيمان العاطفي في قلبه.

    فانه سوف يكون سعيداً عندما يعطي بيته لغيره رغم حاجته الماسة له من أجل أن يكون الآخر في راحة واطمئنان
    .
    يتبع
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:13 am

    الدرس الخامس

    قصة من (احياء العلوم) للغزالي:

    يذكر الغزالي في كتابه (احياء العلوم) ان شخصاً كتب إلى تاجر يتعامل معه يخبره ان البرد قد أصاب قصب السكر، مما يجعل الطلب على السكر شديداً هذا العام ويطمئنه أن سعر السكر سيكون مرتفعاً، وعندما وصلت الرسالة إلى التاجر نزل في سوق الكوفة يشتري السكر ويكدسه في مخزن له، وكان فرحاً لما سيجنيه من ربح هذا العام.

    وعندما عاد من السوق ليلاً وفرغ من ضجيج الدنيا تحرك إيمانه القلبي، وتحركت عاطفته ووجدانه بسبب يقينه وإسلامه فأخذ يلوم نفسه قائلاً، أرأيت ما فعلت لقد غششت الناس. هو لم يكن قد غش إذ قد ابتاع السكر بقيمته على أمل ان يرتفع سعره في العام القادم، لكنها كانت خطة للايقاع بالناس.

    يقول الغزالي: أصبح التاجر ولم يتمكن البارحة من النوم وعند أذان الصبح وأثناء أداء صلاة الجماعة، أخبر الأشخاص الذين اشترى منهم السكر بتفاصيل الأمر، ولم تكد تطلع الشمس حتى كان قد أكمل الذهاب إلى بيوتهم جميعاً، وأخبروه برضاهم وعدم رغبتهم في فسخ المعاملة، فشعر بالارتياح قليلاً.

    يقول الغزالي: الليلة الثانية وتحت وطأة الضمير لم يتمكن من النوم أيضاً، يوجد رواية عن النبي الأكرم (ص) "ليس من المسلمين من غشهم"(7) حيث كان النبي (ص) ماراً في سوق المدينة فشاهد بائعاً للفاكهة أو شيء آخر، وكان أعلاه بنوعية جيدة، فمدّ يده تحت الطعام فكان ردئياً وتالفاً فقال هذا العمل خيانة هذا غش للمسلمين(8).

    وأخيراً فان ذلك التاجر وعند الصباح التمس أصحاب السوق وأعاد السكر إليهم، ونام ليلته الثالثة هانئاً وقال الحمد لله رب العالمين حيث استطعت أن أحفظ ديني ولو ذهب الربح الوفير من يدي.

    لمثل هذا يقال ايمان عاطفي وقلبي.

    يجب ان يكون إيمان الجميع إيماناً عاطفياً وخاصة الشباب الراغبين بحل مشاكل الثورة والوطن.

    ذلك لأن الإيمان القلبي هو المنقذ ساعة الامتحان وعند الأمور المستعصية.



    ـ ضرورة الاختبار:

    الامتحان يطال الجميع، ولا يمكن ان يستثن منه أحد أبداً. شباباً كانوا أو مسنين، رجالاً كانوا أو نساء، علماء دين كانوا أو غيرهم، الامتحان سوف يعترضهم جميعاً.

    (بسم الله الرحمن الرحيم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)(9).

    أفهل نترك هؤلاء يتظاهرون بالإيمان، كلا سوف يمتحنون حتماً، وسوف يواجهون المصاعب، فان كان إيمانهم من القسم الأول أو الثاني فهذا يعني انهم لن يكونوا موفقين في الامتحان، والايمان القلبي فقط هو الذي يستطيع نيل الدرجة العالية أحياناً.

    من أين يأتي التقليد حتماً من كون الأم والأب من الشيعة ومن نمو الشخص في ذلك البيت الشيعي.

    ومن أين يأتي الإيمان الاستدلالي، حتماً من مطالعة الكتب والتعلق بالمنبر والمحراب.

    أوصي الشباب بصورة خاصة ان يكثروا من المطالعة حتى تكون أصول الدين حاضرة في أذهانكم مع الدليل والبرهان، في رؤوسكم في فكركم، إذ ان اكتساب الإيمان الاستدلالي والإيمان العقلي يحصل من مطالعة كتب الكلام ومساءلة العلماء ومجالستهم.



    ـ طريق اكتساب الإيمان القلبي (اليقين):

    أما اكتساب الإيمان القلبي فان طريقه فقط وفقط هو الارتباط بالله، انه يتطلب العبادة (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)(10) يقول إذا أردت اليقين فاعبد ربك وأحكم علاقتك معه.

    يكتسب الإيمان القلبي من الصلاة في أول وقتها ومن حضور الجماعة.

    المسجد ملجأ من شياطين الجن والإنس، هذه المجالس شوكة في عين شيطان الجن والإنس، علاوة على كونها شوكة في عين الأعداء، فهي نور للقلوب.

    أدِّ الصلاة أول وقتها بخضوع وخشوع، إنك تخاطب الله عند الصلاة، فعندما تقول (إياك نعبد وإياك نستعين) فكلم الله بذلك، واعلم أنك في ساحة حضور الله وأن هذه الصلاة معراج لك.

    تماماً كما أن النبي الأكرم (ص) عرج إلى السماوات وكلم الله فليكن كلامك مع الله أيضاً.

    صيام شهر رمضان المبارك بمنزلة الإيمان القلبي. وصلاة الليل تضفي عليك النور، وأهم من هذا فان الإنسان قد يمتلك قلباً طوى مشقة خمسين عاماً من الجهد والطاعة بمدة قصيرة عن طريق خدمة خلق الله ومساعدتهم.

    فلينفق في هذا الشهر الشريف من وسعه ما استطاع في إعانة الفقراء والمحتاجين.

    وليكن هذا الشعار الإسلامي نصب أعيننا في شهر رمضان المبارك (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلى ما آتاها)(11).

    يعني فليبذل المساعدة كل من يستطيع لإعانة الفقراء والضعفاء والمحتاجين ليسد ثغرة الفقر الفردي والاجتماعي ما استطاع لذلك سبيلاً.

    والآية التي قرأتها من آيات الأمر والطلب الواجب، ولا يمكننا تجاهل هذا الأمر ونقول انه مستحب، لوجود روايات كثيرة وردت في الموضوع وأكدت على أن يهتم ويفكر البعض بالبعض الآخر.

    "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"(12).

    لقد سمعتم هذا الحديث جميعاً ولكن ومع الاسف لا نعمل جميعنا طبقه لا استطيع التزام الصمت، تستطيع ان تساعد بدل العشر لقم بتسع بل حتى بلقمة واحدة، تستطيع ان تدفع ألف تومان أو أقل لتعين في مشروع زواج.

    إذا كان باستطاعة الدولة فيجب عليها ملء النقص ومعالجة الخلل الاجتماعي والفردي، وإذا لم تستطع فذلك واجب الجميع.

    الخلاصة، إذا كنت تريد الإيمان القلبي، إذا كنت تريد القلب المشرق بالنور، فساعد خلق الله ما استطعت.

    لذا فان اليوم الذي يمر على العارفين وعلماء الأخلاق دون ان يساعدوا أحداً، يكون يوم حسرة وألم، ويوم تراجع وانتكاسة.

    وإذا عجزوا عن مساعدة الناس فانهم يلجأون لمساعدة الحيوان.

    إذا نزل الوفر من السماء وملئت الأرض صقيعاً فمن يقدم الحب إلى الطيور غير الإنسان الملتفت، لذا كانوا يذهبون وينثرون الحب فوق الجليد حتى تلتقطه الطيور.

    ورد في الرواية ان أمير المؤمنين (ع) اقترض لمصرف يومه مقداراً من النقود، فشاهد المقداد متحيراً في الطريق فقال: لماذا أنت حائر يا مقداد؟ قال: لم استطع ومنذ أمس من تهيئة طعام لامرأتي وأطفالي فقال أمير المؤمنين (ع) هذه النقود تلزمك أكثر مني ذلك لأني لم استطع تهيئة الطعام هذا اليوم فقط، فخذ النقود لك.

    لا تقولوا ذلك علي: إنه قدوة للشيعة، وقدوة للبشرية البشرية يجب أن تفتخر بعلي (ع) والمؤسف أن بعض الشيعة لا يتأسون به.

    القرآن حث كثيراً وشدد على التقوى لكي تتنور القلوب بالإيمان واعتبر التقوى أهم شيء في هذا المجال.

    (ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا)(13).

    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به)(14).

    (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور)(15).

    يقول القرآن الكريم: ان الله هو الذي يهب الإيمان، وهو الذي يهب النور، الإيمان القلبي بيد الله، مقدماته بأيدينا لكن النور يضيئه الله في القلب.

    ويشير بعد هاتين الآيتين أن النور يستقر في قلوب المتقين.

    ومن هو المتقي؟ انه تلك المرأة المحتشمة التي ترعى حجابها تلك المرأة التي إذا مسها جسد أجنبي تضطرب حتى الافطار. وتتوب إلى الله من هذا الذنب رغم كونها غير مقصرة.

    إنها مصداق الإنسان المتقي:



    ـ قصة زوجة أحد الحكام:

    إحدى النساء المسلمات كانت زوجة لحاكم مازندران، وفي إحدى السنين تلف محصول الرز في مازندران ولم يتمكن الناس من دفع الضريبة ـ (الضريبة كانت مفروضة على كل منطقة يدفعها حاكم المنطقة إلى السلطة المركزية). فعرض الحاكم ذلك الموضوع أمام زوجته خلال الحديث، حيث قال: انه لا يدري ماذا يفعل فليس لديه مال يكفي لدفع الضريبة ولا يستطيع جمع المال من الناس المتضررين لأن ذلك ظلم.

    فقالت له زوجته عندي قميص مرصع بالجواهر ورثته عن أبي فادفعه عوضاً عن الضريبة.

    فبعث حاكم مازندران ذلك القميص المزين بالجواهر، وفي الاجتماع المركزي أعجب به سلطان ذلك الوقت ولكن السلطان تقديراً منه لطاعة الحاكم وإيثار وتضحية زوجته أعاد القميص، وقال عفوت هذا العام عن ضريبة مازندران.

    ففرح بذلك الحاكم وجميع المازندرانيين.

    أما زوجة الحاكم فقالت أنا لا البس هذا القميص مرة أخرى، لأن نظر شخص أجنبي قد وقع عليه.

    أيتها السيدة: لا اقول كوني كذلك، ولكن حاولي ألا يرى الشاب الأعزب ثيابك الجديدة في أيام العيد هذه، انتبهي لكي لا يرى وجهك! أقول أيها الشاب إذا أردت الإيمان القلبي فاجتنب ما استطعت عن النظر إلى الأجنبية، واجتنب نظرات السوء. قلل الارتياد إلى المناطق التي يحصل فيها الاختلاط كالسوق والشوارع.

    وأخيراً إذا أردت الإيمان القلبي فاتق الذنب.

    (ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً).

    تدل هذه الآية على أنه بالإضافة إلى اكتساب اليقين والوصول إلى مقام عين اليقين وحق اليقين (الذي) عرفه علماء الأخلاق فانك تصل إلى مقام (الفقرقان)، فلا تذنب وانظر إلى أي مقام سوف تصل.

    (شعر):
    لقد رأيت طيران الطيور فتحرر من قيود الشهود لترى تحليق الإنسانية




    الهوامش:

    (1) سورة الحجرات: الآية: 14.

    (2) سورة الحجرات: الآية: 15.

    (3) نهج البلاغة (فيض الإسلام). الخطبة 215.

    (4) وسائل الشيعة، ج5 ص276 وبحار الأنوار، ج87 ص148.

    (5) سورة السجدة، الآيتان: 16 و17.

    (6) سورة الحشر، الآية: 9.

    (7) وسائل الشيعة: ج12 ص208 ح2.

    (8) وسائل الشيعة: ج12 ص209 ح8 نقلاً بالمعنى.

    (9) سورة العنكبوت، الآيتان: 2 ـ 3.

    (10) سورة الحجر، الآية: 99.

    (11) سورة الطلاق، الآية: 7.

    (12) أصول الكافي ج2 ص251.

    (13) سورة الأنفال، الآية: 29.

    (14) سورة الحديد، الآية: 28.

    (15) سورة النور، الآية: 40.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:13 am

    الدرس السادس
    رذيلة الجهل 1


    من الرذائل المعاكسة لفضيلة اليقين رذيلة الجهل والوهم والوسوسة لقد تحدثنا عن فضيلة اليقين وفهمنا أنها فضيلة كبيرة ومهمة للإنسان وبنفس الدرجة التي تعد فيها فضيلة اليقين عالية، بعكسها يعد الجهل رذيلة منحطة، ويكفي في انحطاط الجهل وحقارته أن الإنسان يتأذى إذا قيل له جاهل.

    ـ أقسام الجهل:


    يقسم الجهل إلى ثلاثة أقسام:

    1 ـ الجهل البسيط:

    أول الأقسام هو الجهل البسيط ومعناه عدم العلم، مثلاً الأمية وعدم العلم بالقراءة والكتابة، وكذلك الذي يقرأ ويكتب ولكنه لا يعرف أحكام دينه، وهذا يسمى بالجهل البسيط، وهو نقص وعيب بالنسبة للمسلم.

    الذي لا يقرأ ولا يكتب يعني ليس لديه معلومات عامة، وهذا نقص في الرجل، وكذلك نقص في المرأة.



    ـ ضرورة الاحاطة بالمسائل الدينية:

    يجب على المسلم أن يتعلم القراءة والكتابة على الأقل وكذلك على المسلم أن يكون عارفاً ومطلعاً فيما يتعلق بدينة من معلومات عامة، فعليه تعلم المسائل التي يحتاج إليها بصورة مستمرة، يجب على الرجل والمرأة الاطلاع الكامل على مسائل الرسالة العملية. يجب على الرجل والمرأة الاطلاع الكامل على ما في القرآن الكريم، وخاصة قراءة القرآن بصورة صحيحة.

    إذا كان الشخص يعمل في إدارة ما فعليه معرفة أمور الإدارة والمسائل المرتبطة بها، وكذلك المسائل المتعلقة باكتسابه إذا كان تاجراً.

    إذا أراد رجل أن يتزوج فيجب عليه أن يتعلم كيف يكون التعامل في البيت كما يريده الإسلام.

    المرأة يجب أن تعرف رأي الإسلام في كيفية رعاية البيت وحقوق الزوجية ورعاية الأطفال.

    المسلم يجب أن يكون مطلعاً على معارف الإسلام وعارفاً بأخلاق الإسلام.

    المسلم يجب أن يعرف أصول الدين وكيف يستدل عليها بحسب حاله. يبرهن على التوحيد بحسب حاله، وكذلك أصل إثبات وجود الله والمعاد والنبوة والإمامة، وهذه من وظائف المسلم.

    إذا افتقر المسلم إلى تلك المعلومات الدينية العامة فذلك نقص كبير في شخصيته، ويعد ذلك تركاً لأداء الواجب حسب الرواية الواردة عن النبي (ص) ولعلها طرقت أسماعكم جميعاً:

    (طلب العلم فريضة على كل مسلم)(1).

    يجب أن يكون المسلم في حالة تعلم دائم بحسب قول النبي الأكرم (ص) من المهد إلى اللحد "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد". إذا كان هناك هذا لأجل التأكيد فهو يعني أن أي إنسان أعم من الصغير والشاب والشيخ. الرجل والمرأة. يجب عليه التعلم دائماً. وان يشتغل بالعلم دائماً. يكون معلماً ومتعلماً باستمرار.

    وإذا لم يكن لأجل تأكيد، يمكن أن تستفيد من الحديث نكتة أخرى ولعل هذا المعنى الثاني هو المقصود، وهو ان الطفل عندما يأتي إلى الدنيا فان غريزة التعلم عنده تكون حية وفعالة، ولعلها لا تختلف عن غريزة الأكل والشرب من حيث كونها بالفعل، فهو كما يستطيع الأكل ويستطيع الشرب، فغريزة التعلم موجودة فيه بالفعل أيضاً، ولعل استحباب الآذان في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، دليل على امتلاكه التوجه لنيل العلم وتحصيله، ويريد الإسلام من رفع الآذان والإقامة عند أذن الطفل أن يتشرب جلده ولحمه وعظمه بقول (أشهد أن لا إله إلا الله) (واشهد أن محمداً رسول الله).

    وربما لهذا الأمر تشير الرواية: إذا كان في الغرفة طفل صغير مستيقظ فلا يجامع الزوج زوجته، وان لم يمتنعا عن ذلك وساءت أخلاق الطفل فالمسؤول أمه وأبوه.

    هذه الرواية تدل على أن غريزة التعلم موجودة بالفعل لدى الطفل من أول يوم وإذا لم يكن الطفل في تلك السن المبكرة قادراً على التعلم بالفعل، فسوف لن يمضي وقت تطويل حتى تبرز هذه القدرة عنده، فالطفل الصغير وقبل النطق والكلام تراه يطرح الأسئلة الكثيرة على أمه وأبيه وهذا دليل على وجود غريزة التعلم لديه.

    ولا يستبعد ان نحمل قول النبي الأكرم (ص) على هذه الحقيقة أكثر من كونه تأكيداً، ونقول ان قول النبي الأكرم (ص) (أطلب العلم من المهد إلى اللحد) هو شعار الإسلام (طلب العلم فريضة على كل مسلم) هو شعار الإسلام.

    وأخيراً شعار الإسلام والقرآن:

    (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)(2).

    (كل ما كان في الجاهلية من الخرافات والفخر فهو تحت قدمي) ولكن النبي وقرآنه يستثني من ذلك امتيازين، أحدهما التقوى والآخر العلم.



    ـ فضل أهل العلم على الآخرين:

    أوضحت الآية السابقة أن هناك فروقاً بين الجاهل والعالم، وليس الفرق درجة واحدة بل درجات.

    فالفارق كبير بين من يقرأ ويكتب ومن لا يقرأ ولا يكتب والفارق كبير بين من تعلم أمور دينه وبين من يجهل أمور الدين.

    دخل هشام بن الحكم وهو غلام أول ما اختط عارضاه في مجلس الإمام الصادق (ع) وقد ازدحم بشيوخ الشيعة والأشراف من بني هاشم وقريش فقام الإمام الصادق (ع) وأجلسه إلى جانبه، فثقل ذلك على أهل المجلس، فقال الإمام الصادق (ع): "هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده"(3).

    يعني ان هذا الشاب يؤيدنا بقلبه، ولسانه ويده، هذا عالم وحامل راية الإسلام.

    ثم قرأ الإمام الصادق (ع) بعد ذلك الآية (يرفع الله).

    أولئك الذين جمعوا العلم والإيمان، أولئك الذين آمنوا عن علم، وهم مقدمون على غيرهم.

    يعني ان الإمام (ع) يقول: على الرغم من كونه شاباً لكنه لأجل علمه مقدم عليكم، هذا هو شعار الإسلام.

    وعندما يكون هذا هو شعار الإسلام فجهل أحكام الإسلام من المرأة المسلمة يعد نقصاً فيها.

    إذا عجز الرجل عن قراءة القرآن فذلك يعد نقصاً وعيباً.

    جهل القراءة والكتابة كذلك، لذا فان لي رجاءً منكم، ان تتعلموا الأمور العامة، وتتعلموا المعارف الإسلامية العامة لكي تعدوا من علماء الإسلام، فمن أحاط بالرسالة العملية ومن أحاط بعلوم القرآن الشريف، وروايات أهل البيت، ومعارف الإسلام، وأصول الدين والأخلاق، إحاطة كاملة يقال له عالم دين.

    وعلاوة على كون ذلك واجباً إسلامياً فانه يعدُّ امتيازاً، بل انه يعد امتيازات عديدة للمسلم.

    وكل المعارف الإسلامية مهمة ويجب تعلمها، ولكن الاشتغال بالقرآن أكثر أهمية من غيره.

    ولكن ومع الأسف فان شبابنا قلما يهتمون بالقرآن.

    تجد الكثير من شبابنا وقد تخرجوا من المدارس الثانوية ومن الكليات وحصلوا على شهادة الليسانس ولكنهم لا يستطيعون قراءة القرآن هذا نقص وعار.

    إذا تخرجت الفتاة من المدرسة الثانوية، وكانت ترغب بالاستمرار في طلب العلم وإدامة الدراسة وكانت مشغوفة بطلب العلم ولكنها لا تستطيع قراءة القرآن، فإن الإسلام يرى ان ذلك العلم ناقصاً نقصاً كبيراً.

    يقول القرآن الكريم:

    (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)(4).

    إذا أعرض أحد عن ذكري ـ عبارة (ذكري) لها مصاديق كثيرة، والقرآن أحد تلك المصاديق.

    أي أن أولئك الذين ان ينبذون القرآن خلف ظهورهم، أو لا يقرأونه بخشوع، أو لا يعملون به مصداق لها ومن مصاديقها الأخرى بنظر الإمام الصادق (ع) من يترك الصلاة، أو لا يؤديها بشكل جيد يقول القرآن الكريم: ان الذي يهجرون القرآن يصابون بمصيبتين أحدها في الدنيا وهي مرارة العيش يحرق أفئدتهم القلق. يكون أحدهم شاباً لكن قد قفل الغم قلبه، يتزوجون لكن يظل الغم يقفل قلوبهم يهرمون فيزداد غمهم غماً، وأخيراً يموتون بالغم والحسرة، وتكون دنياهم قاحلة.

    القرآن الكريم يصف المنافقين:

    (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم)(5).

    أي أن الشك والقلق والشبهة من الشدة بدرجة تقطع قلوبهم فلا يستطيعون اتخاذ قرار وما يزال الشك والشبهة في قلوبهم حتى يموتوا. وكذلك موقفهم من الدين فتارة عاديون وأخرى في شك وتارة في شبهة، وقد يشكون بالله، وقد يشكون بالقرآن والنبي (ص).

    وقد يشكون بالمنبر والمحراب، يوماً تراهم ثوريين يوماً آخر أعداء للثورة، فإذا رأوا مكاسب الثورة أيدوها، وإذا تعرضوا إلى فتنة أو ابتلاء أو رأوا تصرفاً سيئاً من متظاهر بالثورة فانهم يتراجعون عن تأييدها، هذه حالة الشك والتردد بحسب تعبير القرآن الكريم يوماً مسلم وآخر كافر:

    (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً)(6).

    ذلك وضع سيّئ، إذا ابتلى ذلك الشخص برفيق سوء خسر إيمانه، وإذا منّ الله عليه ورحمه وأعانه على حفظ إيمانه حتى لحظة الموت. فلا يستطيع الذهاب من الدنيا بالإيمان الصادق.

    الشخص الذي لم يترسخ الإيمان في قلبه يصعب عليه حمل الإيمان إلى قبره، خاصة إذا تحكمت به رذيلة (حب الدنيا).

    لحظة الموت يأتي ملك الله المقرب عزرائيل وكذلك أمير المؤمنين (ع) حيث يراه الكافر والمنافق والشيعي أو غير الشيعي.



    من مؤمن أو منافق قبلا(7)


    يا حار همدان من يمت يرني




    حضرة أمير المؤمنين (ع) يقول لحارث الهمداني:

    يا حارث الكل يراني لحظة الموت:

    ولا تقبض أرواحنا إلا بعد سماح أمير المؤمنين (ع) بذلك فإذا لم يكن إيمان الشخص مستقراً وكاملاً، ولم يبلغ مرتبة اليقين، وكان ذلك الإيمان مظهراً فقط، ففي تلك اللحظات يشتد فعل الشيطان يتقاسمه الشيطان من جهة وحب الدنيا من جهة أخرى، وقد استحكمت مخالب قلبه بهذه الدنيا، ومن معاني مشقة خروج الروح من البدن هو تلك الحالة.

    ورد في بعض الروايات أن بعض الأرواح تقبض كما يسحب العرق خارج البدن، يعني أنها لا تريد الخروج ولكنها تؤخذ بالقوة.

    فعندما يريد ملك الله المقرب قبض الروح إذ بعد سماح أمير المؤمنين (ع) بذلك يأتي ملك الله المقرب لقبض روحه ولكنه لا يكون راضياً فيعطي روحه مع حالة بغض لعزرائيل وبغض لأمير المؤمنين (ع) والعياذ بالله، وبغض لله، ويترك الدنيا وهو على تلك الحال.

    لا يترك الدنيا بلا إيمان فقط، وإنما يتركها وقد مُلئ قلبه عداء لله ولأمير المؤمنين (ع) ولعزرائيل والملائكة المحيطين به.

    أنا أرجو من الشباب أن يكثروا من دعاء (اللهم اجعل عاقبة أمرنا خيراً) ولا تجعل لنا تلك العاقبة سيئة كأن نخرج من هذه الدنيا وفي قلبنا غِل لأمير المؤمنين بسبب الشك والجهل لحظة الموت ورغم عمر سبعين عاماً أو ثمانين عاماً نقضيه ونحن نردد يا علي يا علي.

    2 ـ الشك:

    أما القسم الثاني من الجهل فهو الشك، حالة التردد، هل الثورة سليمة أم لا؟ هل نهج علماء الدين سليم أم لا؟ هل الإسلام صحيح أم لا؟ هل التشيع صحيح أم لا؟ هذه حالة الشك والتردد. وكما تدمر هذه الحالة دنيا الإنسان فانها تقضي على دينه أيضاً، وهي حالة تؤذي النفس لأنها اشبه بالشوكة التي تسبب وخز الروح بين الحين والآخر فلو أن شوكة كانت في العين على الدوام فكم تسبب من الأذى.

    أذى النفس والروح بسبب الشك والتردد يشبه ذلك لكي تتجنب هذه الحالة وخاصة من أمور الدين والاعتقاد يجب أن يكون اعتقادك راسخاً ثابت القدم، وكذلك الاعتقاد بأي شيء آخر.

    إذا كنت ثورياً، فكن ثابتاً، لكي لا تتزعزع بما فعل ذاك وبما جرى هناك وماذا كان وما يكون.

    ورد في المؤمن عن الإمام الصادق (ع) روايتين.

    ـ ثبات القدم في الإيمان:

    الرواية الأولى: "المؤمن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف". أي أن المؤمن ثابت في إيمانه ثبات الجبل إذ لا يتزحزح عن مكانه مهما اشتدت العواصف والسيول.

    المؤمن ليس شكاكاً، المؤمن في اعتقاده ثابت كالجبل لا تؤثر به أي حادثة أو مصيبة (لا تحركه العواصف).

    الرواية الثانية: "المؤمن كالسنبلة" يعني المؤمن مثل ساق نبتة الحنطة، ينحني للريح ولكنها لا تستطيع اقتلاعه من الأرض، يعني إذا كنتم كالسنبلة تميلون يميناً ويساراً فكونوا ثابتين في الأرض ثبات الجبل.

    أيها الشباب؛ كونوا في اعتقادكم كالجبل، وليسكن اعتقادكم استدلالياً ومع البرهان واثبتوا على ذلك.

    ومن الخطأ التقلب يوماً هذا ويوماً ذاك، نرى البعض وهم أنصار فلان هذا اليوم وغداً أعداءه وأنصار شخص آخر.

    وهذا البعض كانت تبعيته خاطئة من البدء الجهلاء عادة يكونون كذلك بشكل إذا سمع أحدهم خطاباً جيداً من شخص يصير مريداً له، وإذا اصطدم معه بكلام انقلب إلى عدو له.

    بعض النساء في البيت بهذا النحو أيضاً يعيش معها الزوج بطيب سنة وسنتين وعشر سنين، ولكن إذا كان في يوم ما مجهداً متوتراً وقد يقول قولاً غير موزون فيذهب بطيب كل تلك السنين، ذلك يعني أن الحب مفقود منذ الأول.

    أو أن امرأة تعتني براحة زوجها ليل نهار، ولكنها قد تتصرف تصرفاً في غير موقعه أو تتأخر عنه أو يكون الطعام مثلاً مالحاً، فيذهب ذلك مودة السنين الماضية، وهذا يعني أن العلاقة لم تكن راسخة كالجبل منذ أولها.

    لذا أرجو أن تكونوا في محبتكم كالجبل، وكذلك في العقيدة وأخيراً يجب أن تكون إرادتكم قوية لكي تتمكنوا من اتخاذ القرار الثابت لاتخاذ أعمالكم.

    ليكن اعتقادكم عالياً ثابتاً كالجبل لا يقلعكم شيء ولا يزعزعكم شيء.

    حتى تكونوا إن شاء الله ثابتين لحظة الموت ولو تعاضد الشيطان والدنيا معاً لما استطاعوا تحريككم.

    الهوامش:

    (1) أصول الكافي ج1 ص54.

    (2) سورة المجادلة، الآية: 11.

    (3) سفينة البحار: ج2 ص719.

    (4) سورة طه، الآية: 124.

    (5) سورة التوبة، الآية: 110.

    (6) سورة النساء، الآية: 137.

    (7) سفينة البحار ج1 ص238
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:14 am

    الدرس السابع
    رذيلة الجهل 2


    3 ـ الجهل المركب:

    وهذا هو القسم الثالث من الجهل وهو أرادأ من سابقيه، وللجهل المركب تفسيران أو قسمان، أحدهما ما وصفه الشاعر بقوله:


    فليبق في الجهل المركب أبد الدهر


    ذلك الذي لا يعلم ولا يعلم انه لا يعلم


    يعني انه جاهل ولكن لا يعلم انه جاهل، وهذا قد تكلمنا حوله سابقاً وهو ليس من الجهل المركب الاصطلاحي. وان كان البعض يعتبره من الجهل المركب أيضاً ـ ولكن هذا غفلة، والشاعر قد أخطأ، فهذا معنى الغفلة انه لا يعلم انه لا يعلم.

    ومن الغفلة أيضاً (إنه يعلم ولكن يغفل عن ذلك) لذلك يقول الشاعر:


    أيقظوه لئلا يبقى نائماً


    ذلك الذي يعلم ولا يعلم انه يعلم


    وقد أورد الشاعر في عجز البيت علاجاً مناسباً، الإنسان قد لا يعلم ويغفل عن جهله، وقد يعلم ويغفل عن علمه، وكلاهما يعد من الغفلة، والغفلة ضد التفكر والالتفات، وقد تحدثنا عن ذلك الموضوع.

    القسم الثاني من الجهل والذي هو شديد الخطورة والفلاسفة وعلماء الأخلاق يطلقون عليه (الجهل المركب)، هو أن لا يعلم ولكن يظن ويتصور انه يعلم.

    ليس بعالم ولكنه يتصور انه عالم، ليس بمقدس ولكنه يظن بأنه قديس، من أهل جهنم بكل معنى الكلمة، ولكنه يظن انه من أهل الجنة، إنسان سيئ ولكن يظن انه مستقيم سيئ الأخلاق والتعامل في بيته، وإذا قيل له أخلاقك سيئة يغضب ويقول أنا في البيت حسن الأخلاق والتعامل جداً.

    لا يربطه بالله والنبي (ص) رابطة ولكن يظن انه أول مؤمن بين الناس.

    هذا الوضع خطر ولشدة هذه الخطورة فقد قال القرآن الكريم:

    ان هذه الرذيلة إذا استحكمت في القلب وجاء صاحبها بهذه الصفة إلى صفوف الحشر، سيواجه الله بالمجادلة، يعني أن جهله المركب يعود هناك أيضاً فعندما يعطى صحيفته السوداء يقسم أمام الله انه كان إنساناً مطيعاً وانه من أهل الجنة وان جعله من أهل النار بلا مبرر يقول القرآن حول مثل هؤلاء الناس:

    (يوم يبعثون الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون انهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون)(1).

    يقول يوم القيامة يأتي أناس ويقسمون أمام الله انهم من أهل الجنة فكما كانوا يعتقدون ذلك في الحياة الدنيا وكما كانوا يقسمون على ذلك كذباً أمام الناس. فكذلك سيقسمون أمام الله أنهم مطيعون، والقرآن يتعجب من كذب هؤلاء، وكيف وصل بهم الحال إنهم يوم القيامة يتكلمون خلاف الواقع أيضاً.

    وتشاهد رذيلة الجهل المركب في مختلف الأوساط أميين ومتعلمين، واعين ومتخلفين، النساء والرجال.

    والقرآن يبين ان خطر هذه الرذيلة كبير جداً، خطرها كبير إلى درجة تصل بالإنسان أن يجادل الله يوم القيامة وهو العالم بكل شيء، ويدعي أمامه انه قد أخطأ بحقه وأن الملائكة الموكلين بالصحيفة كذلك قد أخطأوا وأعدوا له تقريراً خاطئاً عن أعماله وان مجازاته بالنار اشتباه لأنه إنسان صالح. ويقسم أيضاً، يقسم بالله ان هناك اشتباهاً وانه إنسان صالح إذا لم يكن للجهل المركب سوى الآية السابقة لكانت كافية لنا لنجتنب عن هذه الرذيلة.

    والقرآن الكريم يعتبر أولئك الناس أنهم الأسوأ والأكثر انحطاطاً والأخسرين أعمالاً يوم القيامة فيقول:

    (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً * الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)(2).

    فالقرآن يقول إذا أردتم أن نجدكم بالأخسرين والأسوأ حظاً والأشقى من الناس فذلك الذي يعمل السوء ويظن انه يعمل الصالح، فهو جاهل لكنه يتصور انه عالم.

    لا يذهب إلى المسجد، ولا يحضر الموعظة، وإذا قيل له لم لا تتردد إلى المنبر والمحراب، يقول أنا أعلم من هؤلاء الخطباء ورجال الدين.

    قد تكون المرأة سيئة الأخلاق في البيت، لا تؤدي حقوق الزوجية والأمومة ولا ترعى شؤون البيت، وإذا قيل لها وضعك سيئ فتجيب بأنها حسنة جداً وأن ناصحيها مخطئون، حتى ولو كان الناصح لها أمها وأباها فلا تسمع كلامهم، وهذا هو الجهل المركب الذي تريد ان تفرضه على الآخرين.

    وقد يكون الشخص ساقطاً بأعين الناس ولكنه يرى نفسه إنساناً ذا قيمة.

    وأخيراً فهو من أهل النار ولكنه يتخيل أنه من أهل الجنة.

    ـ رواية عن الإمام الصادق (ع):

    اذكر لكم هذه الرواية عن الإمام الصادق (ع) لكي يتضح لكم موضوع الجهل المركب وكيف يصل الإنسان به إلى سوء العاقبة.

    يقول الإمام (ع): كان هناك شخص مشهور بين عامة الناس يلقبونه (مستجاب الدعوة)، قد كان له من الشهرة ما جعلني أرغب في رؤيته (علماً أن ذلك الرجل لم يكن من محبي أهل البيت (ع)، ومن المعلوم ان من لا يتمسك بأهل البيت سوف يجر أذيال الخيبة).

    يقول الإمام (ع): شاهدت الناس في أحد الأيام وقد اجتمعوا حول أحدهم: فقال لي أحد الذين كانوا معي يا بن رسول الله هذا هو الشخص الذي كنت تريد أن تراه، توجهت نحوه فلما وقع نظره علي ترك الناس وذهب، فمشيت خلفه لأتحدث معه في مكان خالٍ وأرى ما عنده، فشاهدته وقد توجه إلى أفران الخبز فسرق قرصين. فتعجبت من ذلك وكيف يسرق من له تلك الشهرة.

    بعد ذلك توجه إلى دكان آخر وسرق رمانتين ثم ذهب إلى خربة، فأعطى الخبز والرمان صدقة إلى أربعة من الفقراء.

    وعندما أراد الخروج من الخربة، اعترضت طريقه وقلت له: ماذا فعلت؟ فقال: لم أفعل شيئاً. فقلت له: لقد رأيت كل شيء. فقال: من أنت؟ فقلت أنا جعفر بن محمد فقال: أنت ابن النبي ولا تعرف قول القرآن: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها)(3).

    يعني ان الله يضاعف الأجر عشر مرات لمن يعمل الخير، وإذا فعل السوء فيثبت كما هو في صحيفة أعماله.

    فقلت: وما علاقة هذه الآية بما اقدمت عليه؟ فقال أنا سرقت قرصين ورمانتين وحاصلها أربعة ذنوب، وأعطيت تلك الأشياء الأربعة صدقة فاكتسبت أربعين حسنة، وعندما نطرح الذنوب من الحسنات فسوف يسجل في صحيفة أعمالي ست وثلاثون حسنة، فانظر هذه المعاملة كم هي مربحة.

    فقلت له (ثكلتك أمك) إنك لم تفعل حسنة واحدة، وقد فعلت ثمانية ذنوب، أربعة منها انك سرقت مال الناس وأربعة أخرى انك أعطيت مال الناس لغيرهم من دون إذنهم، وليتك لم تحصل على الثواب فقط بل لقد حملت إثم ثمانية ذنوب.

    ثم قال الإمام (ع): انظروا كيف يفعل الجهل المركب بالإنسان.

    أيها الأعزاء، نساءً ورجالاً محترمين قد تتعجبون من هذه الرواية أيكون مثل ذلك؟ ولكن في وسطنا الكثير من هذه الحالة.

    مثلاً الشخص الذي يبيع قليلاً ويحتكر الأشياء ويبيعها بثمن غال ويمتص دم الناس كما تمتصه الديدان، ولكنه يقرأ مجلس العزاء الحسيني عشرة أيام أو عشرين يوماً ويصرف في ذلك مائة ألف تومان، هذا عمله نفس عمل ذلك الرجل بلا فرق. ذلك الرجل سرق وأعطى للفقراء, وهذا سرق وقرأ مجلس العزاء الحسيني.

    وكذلك المرأة التي تحيي الليل بالعبادة وتدعو الله سراً وعلانية وتبكي إلى الصباح، ولكن قلب زوجها يقطر دماً من أفعالها، لأنها لا تعطي الزوجية حقها، هذا عين سرقة ذلك الرجل، لأنه سرق وأعطى ما سرقه إلى الفقراء، وهذه المرأة سرقت حق زوجها وأدت مكانه صلاة الليل.

    الشخص الذي يتصدق ويتفقد الفقراء وقد يبذل مائة ألف تومان كصدقة، ولكنه لا يعتني بوضع زوجته وأطفاله، وكأنه لم يفهم ان: (المصباح اللازم للبيت يحرم على المسجد).

    أقول أكثر من ذلك: الشخص الذي لا يعطي الخمس حيث يقول الإمام الباقر (ع) هذه الآية تتكلم حوله:

    (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)(4).

    ذلك الذي يأكل مال اليتيم في الحقيقة يأكل ناراً، أولئك الذين يمتلكون عيناً ملكواتية يرون هؤلاء يأكلون النار وسوف يردون المحشر يوم القيامة وبطونهم تقذف ناراً كما يقذف التنور باللهب.

    فالذي لا يدفع الخمس ويتظاهر بمساعدة أعمال الخير، ذلك سارق أيضاً.



    الهوامش:

    (1) سورة المجادلة، الآية: 18.

    (2) سورة الكهف، الآيتان: 103 و104.

    (3) سورة الأنعام، الآية: 160.

    (4) سورة النساء، الآية: 10، وسائل الشيعة، ج6 ص337. تفسير البرهان ج1 ص347.
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:16 am

    الدرس الثامن
    علاج الجهل


    في الدرس السابق استعرضنا أنواع الجهل وفي هذا الدرس نتطرق إلى طرق العلاج إن شاء الله.

    ـ معالجة الجهل البسيط:

    علاج الجهل البسيط معلوم، فيجب الذهاب لطلب العلم حتى يعلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) (اطلب العلم من المهد إلى اللحد) يخطئ من يعتقد أن عملاً ما مقدم على طلب العلم. ومن هذه الجهة كانت سنة النبي (ص) ان يضع المسلم حديثاً يده بيد المسلم الآخر المتعلم حتى يتعلم منه أمور دينه ولا يتركه حتى يتعلم ذلك.

    أي أن النبي الأكرم (ص) لم يكن يكتفي بنطق الشهادتين فكان يقول:

    الآن وقد أسلمت فعليك أن تصلي ولابد من معرفة أحكام الصلاة ويجب أن تصوم والصوم له أحكامه، ويجب أن يتجلى إسلامك بالعمل، فالمسلم بلا عمل لا يستفيد.

    أنتم تلاحظون أن القرآن الكريم ذكر الإيمان مقروناً بالعمل في خمسٍ وسبعين آية، فعندما يذكر الإيمان، يذكر وبلا فاصلة (وعملوا الصالحات) أو ما في معناه:

    (الذين آمنوا وعملوا الصالحات).

    العقيدة بدون العمل لا تنفع، وعمل بلا عقيدة أيضاً لا ينفع (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا لذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

    قسمُ بعصارة عالم المخلوقات ـ يعني قطب عالم الإمكان، ومحور عالم الوجود، واسطة الغيب والشهادة، حضرة ولي العصر عجل الله تعالى فرجه ـ ان الكل سيخسرون عدا طائفة منهم وتلك هي التي تمتلك جناحين:

    الأول: الإيمان والعمل طبقه. والثاني: عدا عن الإيمان والعمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

    وهذه السورة ورغم قصرها تثير العجب، عندما كان يلتقي المسلمون في صدر الإسلام مع بعضهم، وبدل المجاملات كان يقول أحدهم للآخر (والعصر * إن الإنسان لفي خسر) فيجيبه الآخر (إلا الذين آمنوا...) إلى آخر السورة. ومعلوم ماذا سيكون ذلك المسلم سوف يتحكم بنصف الدنيا بعدة عشر سنين، ويرعب كل العالم وعلى ذلك فلا قيمة للإيمان بلا عمل، بل لابد من تلازمهما، وليس بمقدور أحد أن يؤمن بلا عمل، ولا يمكن العمل بلا علم أيضاً فإذا اراد أحد أن يصلي وهو لا يعلم أحكامها فصلاته تقع باطلة، فالصلاة لها أحكام، من يتوضأ ولا يعرف أحكام الوضوء أو يغتسل ولا يعرف أحكام الغسل، وقد تصل الأمور إلى درجة أن رجلاً عمره سبعون عاماً يسأل: أأغتسل غُسل الحيض قربة إلى الله؟!، ولا تتصوروا أن هذا الكلام عامة أو أنه قليل الحصول، كلا فإن هذا يتكرر كثيراً.

    وهل يعقل ان يحيط شخص بمسائل دينه وليس له علاقة بالمنبر والمحراب.

    يجب ويلزم على الجميع ان يطلعوا على المعلومات العامة المقروءة والمكتوبة منها، ويجب ويلزم على الجميع ان يتعلموا المعارف الدينية العامة من لا يعلم يَرد النار.

    في يوم القيامة يأتي اُناس كانوا قد صلوا ولكن صلاتهم كانت خاطئة فيقال (هلا تعلمت)؟ لماذا لم تتعلم؟ أصلاتك أهم أم التجارة، اختيار الزوجة او انتخاب الزوج أهم أم الصلاة والصيام والدين.

    وهل حصولك على شهادة الثانوية أو شهادة الليسانس، أو صيرورتك طبيباً أو مهندساً أهم بالنسبة لك من الدين، هنا في الدنيا يمكن أن يتكلم بالديبلوم والليسانس، ولكن يوم القيامة يجب أن يقول ديني. فيقال له: لماذا لم تتعلم أمور دينك؟ وهناك يحمل إلى النار.

    مهمة ثقيلة تقع في عاتق الرجال وهي:

    (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)(1).

    يعني ان الرجال إضافة إلى وجود تعلمهم أحكام الدين فان عليهم تعليم نسائهم وأبنائهم، إضافة إلى كون التعلم وظيفة خاصة بهم كذلك فهم مسؤولون عن تعليم زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم، فإذا أكملت البنت تسع سنين، وأكمل الولد خمس عشر سنة يجب أن يتعلموا أحكام الدين وتلك وظيفة الآباء.

    كان النبي الأكرم (ص) ومن على منبره يقول أحياناً: الويل لأبناء آخر الزمان من تقصير آبائهم وأمهاتهم، قالوا يا رسول الله ألأن الآباء والأمهات مشركون؟ قال مسلمون ولكنهم يفكرون بدنيا أبنائهم، ولا يفكرون بآخرة أبنائهم.

    قال النبي الأكرم (الويل لأبناء...)(2).

    الأمهات تفكر كيف تجتاز بناتها لدراسة الثانوية وكيف تجيد التطريز ولا يفكرن بدين البنات.

    الويل لذلك الولد الذي شغله أبوه بتحصيل شهادة الدبلوم أو كيف يصبح مهندساً وكيف يكون طبيباً، ولم يهتم بدينه. فإذا لم يوفق بالامتحان التمهيدي للالتحاق بالجامعة كم يتأسف لذلك، ولا تنام الأم ليلها، وكم يحزن الأب لذلك.

    أما رسوبه بمسائل الدين فكأن شيئاً لم يكن ولا يرف لذلك جفن أحد.

    النبي يقول الويل لأولئك الأولاد من يد الآباء والأمهات.

    على هذا فتعلم المعارف الدينية لازم وواجب على الجميع.

    لا يصح التعامل مع رسالة مرجع التقليد بهذه الطريقة من عدم الإهتمام وقد يقضي سبعين عاماً من الجهد والتعب لإعدادها. هذه الرسالة يجب أن تقرأ جيداً وتبحث جيداً، يجب أن تسألوا الآخرين لكي تتطلعوا، يجب أن ترتبطوا بالمنبر والمحراب.

    أيها السيدات والسادة إذا تركتم أبناءكم وبناتكم الارتباط بمنبر الوعظ فإن النبي الأكرم (ص) يقول: (ستصابون في الدنيا والآخرة بثلاثة أمراض ليس لها دواء ولا يطاق ألمها.

    سيأتي زمان على أمتي يفرون من العلماء كما يفر الغنم من الذئب وإذا كان كذلك سلط الله عليهم من لا رحم له ولا علم له ولا حلم له وترفع البركة من أموالهم ويخرجون من الدنيا بلا إيمان).

    يعني يأتي زمان على أمتي لا يتمسكون بالمنبر والمحراب المساجد خالية، والمنابر خالية، أولئك يفرون من المسجد ويفرون من المنبر كما تفر الخراف من الذئب.

    فإذا أصبحوا كذلك فإن الله يسلط عليهم أفراداً لا دين لهم ولا رحم ولا حلم.

    يعني يسلط صداماً على العراق، يعني يسلط أمريكا الجاثية على بلدان المسلمين. هذه أمريكا الجاثية وقد تسلطت على البلدان المسلمين ليس لها دين ولا رحمة ولا حلم، وقد رأيتم كيف فعلت بالناس.

    حيث صرح مجرمها: انه القى على العراق من القذائف ما لم يلقه على فيتنام طيلة الحرب معها، النبي الأكرم (ص) يقول: ان ذلك يحدث بسبب الفرار من المنبر والمسجد.

    الثاني: (ترفع البركة من أموالهم)، يمكن الحصول على الكثير من النقود ولكن لا خير فيها، النقود متوفرة ولكن السلع شحيحة، والأسعار مرتفعة وحالة قلق شديد. وإذا حصل على النقود فالبركة مرفوعة.

    وهل تعرف ماذا يعني ارتفاع البركة؟ يعني أنه يملك قصراً عالياً مثلاً ولكن زوجته امرأة نزقة تثير المشاكل والمتاعب، وهذا بلاء على الإنسان، أو أن المرأة في حياة جيدة والمال متوفر ومستوى المعيشة عالٍ ولكن الزوج نزق ومتعب، فمن الواضح ان تلك المرأة تفضل العيش في خربة هادئة على تلك الحالة المتعبة.

    (ترفع البركة من أموالهم) يعني الغذاء متوفر ولكن يسيئون استهلاكه.

    والأول والثاني ليس على تلك الدرجة من الأهمية ولكن المهم هو البلاء الثالث: (يخرجون من الدنيا بلا إيمان).

    يعني ان هذا الشخص لا يستطيع الالتزام بالتشيع إلى آخر المطاف، وقد تسلب منه عقديته وسط العمر أو آخر العمر ويموت وهو من عبدة الشيطان، أو عبدة المال، أو يذهب من الدنيا مبغضاً لأمير المؤمنين (ع).

    الإيمان يجب أن يكون ثابتاً في القلب لكي يستعصي سلبه على الشيطان.

    إذا أردتم أن يكون إيمانكم ثابتاً، يجب أن تكونوا عالمين بأمور الدين وان ترتادوا المساجد والمنابر.

    ولكن ومع الأسف فان ارتباط الناس بالعلماء ضعيف في كل مكان وحتى في قم المقدسة أيضاً.

    هؤلاء القميّون ورغم كونهم وسط رجال الدين والعلماء ولكن ارتباطهم بهم غير ملموس، ولا يوجد فرق بين قم وغيرها، فإذا فاقت بعض الأماكن في مجال ما فهي متأخرة عنها في مجال آخر.

    ان صفة الجهل سيئة ويجب التخلص منها، أيتها المرأة يجب أن تكوني عالمة بأمور الدين، أيها الرجل يجب أن تكون عالماً بشؤون الدين.

    سورة والعصر تقول! علاوة على وجوب كونك عالماً، يجب أيضاً أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تتعلم وتعلم زوجتك وأولادك، وتعلم أصدقاءك.

    هذا ما يتعلق بالجهل البسيط.

    ـ علاج الشك:

    وعلاج الشك بسيط، وعلى فرض أن أذاه كبير فان علاجه سهل، وهو عدم الاعتناء.

    جهل الشك حالة يصبح فيها الشك حاكماً على سلوك الإنسان، ويتسع ويستحكم مع ضعف الإرادة، فيجب إذاً تقوية الإرادة؟ وكيف نقوي الإرادة؟ ان نقحمها بالعمل، وكيف نقحمها بالعمل؟ أن لا نعتني بالشك.

    من الموارد التي تكون العجلة حسنة هذا المورد.

    يتردد من أي الطريقين يذهب، فعليه أن يختار أحدهما فوراً وبلا تردد.

    يتردد أيفعل هذا الأمر أم لا يفعله؟ فإذا كان الفعل خيراً فليقدم على الفعل ولا يتردد.

    إذا حصل لك مثل ذلك الشك في اعتقاداتك أو مسائلك الدينية فقل (لا إله إلا الله) وفكر بشيء آخر، إذا كنت نائماً فقل (لا إله إلا الله) أو كنت جالساً، فانهض وامشي، إذا كان أحد إلى جوارك فتحدث معه، واصرف نفسك عن ذلك فعندما تنصرف عن ذلك فان هذا الشك سيزول عنك بالتدريج.

    هذا النوع من الجهل سيئ، أن يكون الشك هو المتحكم في تصرفات الإنسان أمر سيئ. ولكن علاجه سهل، المرأة التي تتردد ماذا ستهيّئ للعشاء من الطعام فلتقرر بسرعة ماذا تطهي، جيداً كان أم رديئاً.

    أو تتردد في أن تذهب إلى السوق هذا اليوم أم لا؟ فلتتخذ قرارها بسرعة وهذا طبعاً للإنسان الكثير الشك والتردد، وليس للإنسان الاعتيادي الإنسان الاعتيادي عليه أن يلجأ إلى استخدام العقل، وإذا لم يصل إلى القرار فعليه استشارة الآخرين، وإذا لم يتوصل إلى نتيجة فعليه عندئذ الاستخارة، وإحدى خواص الاستخارة هي هذه، يعني استخدم عقله ولم يصل إلى القرار واستشار ولم يصل إلى القرار فالاستخارة هنا ترفع التردد. وذلك لأجل أن لا يتحكم التردد في سلوكه ويستحكم الشك في قلبه.

    هذا ما يتعلق بالشك.



    يتبع
    Dr.ALI
    Dr.ALI
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى
    الــمــديــــــــر العــــــــــام ........ ريس المنتدى


    ذكر
    مســـــاهمـــاتي مســـــاهمـــاتي : 437
    سـجلــت بــ سـجلــت بــ : 13/04/2008
    عـمــلــــــي عـمــلــــــي : دروس وثقافة اسلامية Doctor10
    هــوايـتـــــــي هــوايـتـــــــي : دروس وثقافة اسلامية Huntin10

    قصة رد: دروس وثقافة اسلامية

    مُساهمة من طرف Dr.ALI الجمعة أغسطس 21, 2009 11:17 am

    الدرس الثامن



    ـ علاج الجهل المركب:

    أما الجهل المركب، فكيف يتم علاجه؟ طريقة العلاج هي أن يعرض اعتقاداته على العلماء، وتلك سنة أصحاب الأئمة الطاهرين (ع) سنة شائعة بين أصحاب الإمام الصادق والإمام الرضا والإمام الهادي (ع)، حيث كان يقوم أفراد من أصحاب الأئمة بزيارتهم وعرض أفكارهم واعتقاداتهم على إمام زمانهم.

    ومنهم حضرة عبد العظيم الحسني صاحب المرقد الشريف في مدينة ري جنوب طهران، والذي يعد من العلماء الكبار، حيث ورد في الروايات أن من يزور مرقده الطاهر كمن زار الإمام الحسين (ع).

    جاء إلى عند الإمام الهادي (ع) وقال له: يا بن رسول الله أريد أن أعرض عقائدي أمامك، ثم قال: أؤمن بالله وصفاته كذا وكذا، وأؤمن بالنبوة والقرآن والإمامة و.. حتى آخرها، فأيد الإمام الهادي (ع) اعتقاداته وقال (هذا ديني ودين آبائي)، دينك صحيح.

    عندما ترغب في شراء دار فانك تصطحب هذا المعمار وذاك المعمار، وتستشير هذا الصديق وذاك الصديق لكي لا تتعرض لحالة غش أو خديعة.

    فإذا أردت أن تعتقد بشيء، أفلا ينبغي أن تراجع أهل الخبرة؟

    فانك عاجز عن تشخيص البناية الصالحة، وإذا أقدمت على الشراء بدون استشارة، فإذا كنت مغشوشاً فيها، فسوف تعرض لملامة الناس. وكذلك سوف تلومك الناس إذا اعتقدت بشيء ما وكانت النتيجة سيئة، بل سوف تلام أيضاً حتى لو كانت النتيجة حسنة، طبقاً لقاعدة التجري.

    لا يصح أن يختار الإنسان شيئاً وهو ليس من أهل الخبرة فيه، فإذا كان الموضوع المنتخب سياسياً فعليه مراجعة المختصين بالسياسة، وإذا كان الموضوع إجتماعياً فعليه مراجعة علماء الاجتماع، وان كان الموضوع دينياً فعليه مراجعة علماء الدين، فيسألهم أنه هكذا اعتقد، فهل اعتقادي صحيح أم غير صحيح؟ فإن أجابوه بأن اعتقادك غير صحيح فيجب عليه ان يتخلى عنه فوراً، وإن أجابوه بصحة اعتقاده فبوسعه التبني والإستمرار.

    فيجب ان يتوسع المرء بدراسة اعتقاده ويدقق فيه وهذا يتطلب استعداداً خاصاً، ان استبداد الرجل والمرأة في القناعة والاعتقاد شيء خاطئ.

    أحياناً يقع المرء في مشاكل خطرة بسبب التعصب للرأي واللجاجة بعض النساء مثلاً غير مدركات ولكن لا يمكن إخبارهن أو التحدث معهن، وبعض الرجال غير مدركين ولكن لا يمكن التأثير بموقفهم، فلا يتقبلون الحقيقة عندما تطرح أمامهم، خاصة إذا كانت زوجته هي التي تقول ذلك أيها السيد تقبل الحقيقة من أي كان، من زوجتك أو من غيرها استخدم عقلك أولاً عند أقوالك وأفعالك، وامضِ على أساسه ان كان أمراً واضحاً وضرورياً.

    فان ترددت في أمر فاستعن بالمشورة، ولأهميتها فقد أوصى القرآن الكريم بالتشاور في موضعين الأول قوله تعالى:

    (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)(3).

    فالآية تخاطب النبي (ص) بأن اتخاذ القرار بيده ولكن الآية تدعوه إلى احترام رأي الآخرين وضرورة التشاور معهم.

    والثاني إذ يقول عند المؤمنين:

    (وأمرهم شورى بينهم)(4).

    فالآية تحث المسلمين على التشاور، وتصفهم بأنهم يتشاورن في أعمالهم لا فرق بين الرجل والمرأة.

    كما أن أحد علماء النفس ينصح الرجل أن يجمع حوله زوجته وأبناءه ويشاورهم لأن ذلك مفيد لبناء شخصية الأبناء.

    وقول أمير المؤمنين (ع): "وشاورهن وخالفوهن".

    ينطوي على معنى دقيق، وقد أساء الرجال تفسير ذلك المعنى حيث فسروا قول الإمام باستشارة النساء ومخالفة كل ما يبدين من رأي، ومن الواضح ان هذا التفسير يدعو إلى السخرية.

    فأمير المؤمنين (ع) لا يقصد ذلك، وإنما يعني قوله إنك تستشير زوجتك فان كان رأيها حسناً ومعروفاً فخذ به وإذا ترددت في حسن قولها وإذا قال عقلك أن رأيك أفضل من رأيها، فرأيك مقدم عندها وذلك لأن وجودك وجود تعقلي ووجودها وجود عاطفي، وإذا تعارض العقل والعاطفة فالعقل هو المقدم.

    فالمقصود إذن من قول الإمام هو هذا، وليس المعنى الشائع.

    يجب أن يتشاور المرء مع صديقه مع زوجته، مع أبنائه، وان يكون مهيئاً لتقبل الرأي الآخر، وان لا يكون متعصباً ومستبداً ولجوجاً.

    تعصب الإنسان يدمر دنياه وآخرته، خاصة في مجال الدين.

    فإاذ احتملت أن هناك نوعاً من الجهل المركب، فابحث عن عالم متمرس عاقل متدين، وأعرض عليه دينك حتى تنجلي لك الحقيقة. وكلما حصل الشك في موضع والشبهة بصحة رأي أو خطئه، فاذهب فوراً واسأله لئلا يسبب لك الجهل المركب البلاءات والدمار في يوم ما.



    ـ قصة المسلم الجاهل والنصراني الذي أسلم حديثاً:

    دعى مسلم جاهل متنسك نصرانياً إلى الإسلام فأجابه.

    يقول الإمام الصادق (ع): لم يعرف كيف يتصرف، وقد أساء لنفسه وللنصراني وأخيراً أخرجه من الإسلام كما أدخله فيه.

    لقد جاء إلى النصراني الذي قبل الإسلام قبيل أذان الصبح، وقال له قم بنا نذهب إلى المسجد وعندما جاء به المسجد جعله يؤدي صلاة الليل، ثم صلى الصبح أول وقتها وجلس يعقب حتى طلعت الشمس، وعندما صار النهار قال له الجلوس في المسجد مستحب، وحسن فجلسوا إلى الظهر وصلوا الظهر والعصر، وكان قد أخبره أن أداء الصوم المستحب مرغوب في الإسلام، وجعله يصوم ثم جلس بعد صلاة العصر حتى صلى المغرب والعشاء وعاد إلى البيت.

    فإذا كان السحر من اليوم الثاني جاء وطرق بابه، فقال الرجل: من الطارق؟ فقال أنا فلان: فقال له إذا أردت الحقيقة لقد رجعت عن الإسلام البارحة.

    لأن هذا الإسلام يصلح لمن لا عمل له، وأنا رجل عليّ عيالي.

    قال الإمام الصادق (ع): إنه اراد أن يفعل خيراً، ولكنه أساء أكثر.

    إذا كان الإنسان لا يعلم فعليه أن يسأل، وعلى المرأة ترك الخصومة والجدل وان تسمع الكلام، لأن الجدل وعدم الأخذ بالنصيحة قد يؤدي إلى الطلاق أحياناً وعلى الرجل ترك الاستبداد، لأن الاستبداد قد يدمر الحياة أحياناً.

    الهوامش:

    (1) سورة التحريم، الآية: 6.

    (2) مستدرك الوسائل، ج2 ص625.

    (3) سورة آل عمران، الآية: 159,

    (4) سورة الشورى، الآية: 38.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 03, 2024 6:30 am